للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدم من صغيرة ينقص سنها عن تسع سنين أو سبع. على الخلاف المتقدم "في تعريف الحيض" فإنه يقال له: دم استحاضة، والمستحاضة من أصحاب الأعذار، فحكمها حكم من به سلس بول، أو إسهال مستمر، أو نحو ذلك من الأعذار المتقدمة في "مباحث المعذور" وحكم الاستحاضة أنها لا تمنع شيئاً من الأشياء التي يمنعها الحيض والنفاس، كقراءة القرآن، ودخول المسجد، ومس المصحف والاعتكاف. والطواف بالبيت الحرام وغير ذلك مما يأتي في صحيفة ١٢٣، نعم قد تتوقف مباشرة الصلاة ونحوها على الوضوء لا على الغسل، كما مر في "مباحث المعذور".

أما تقدير زمن حيض المستحاضة، ففيه اختلاف المذاهب.


الحنابلة قالوا: إن المستحاضة إما أن تكون معتادة أو مبتدأة؛ فالمعتادة تعمل بعادتها ولو كانت مميزة، والمبتدأة إما أن تكون مميزة أولا، فإن كانت مميزة عملت بتميزها إن صلح الأقوى أن يكون حيضاً، بأن لم ينقص عن يوم وليلة، ولم يزد على خمسة عشر يوماً، وإن كانت غير مميزة قدّر حيضها بيوم وليلة، وتغتسل بعد ذلك، وتفعل ما يفعله الطاهرات، وهذا في الشهر الأول والثاني والثالث، أما في الشهر الرابع، فتنتقل إلى غالب الحيض، وهو ستة أيام أو سبعة، باجتهادها وتحريها.
المالكية قالوا: إن المستحاضة إن عرفت أن الدم النازل هو دم الحيض بأن ميزته بريح أو لون أو ثخن أو تألم، فهو حيض، بشرط أن يتقدمه أقل الطهر، وهو خمسة عشر يوماً، فإن لم تميز، أو ميزت قبل تمام أقل الطهر فهي مستحاضة، أي باقية على أنها طاهرة، ولو مكثت على ذلك طول حياتها، وتعتد عدة المرتابة بسنة بيضاء، ولا تزيد المميزة ثلاثة أيام على عادتها استظهاراً، بل تقتصر على عادتها، ما لم يستمر ما ميزته بصفة الحيض، فإن استمر استظهرت.
الحنفية قالوا: المستحاضة، إما أن تكون مبتدأة - وهي التي كانت في أول حيضها، أو نفاسها ثم استمر بها الدم - وإما أن تكون معتادة - وهي التي سبق منها دم وطهر صحيحان -، وإما أن تكون متحيرة - وهي المعتادة التي استمر بها الدم، ونسيت عادتها -:
فأما المبتدأة، فإنه إذا استمر بها الدم، فيقدر حيضها بعشرة أيام، وطهرها بعشرين يوماً في كل شهر، ويقدر نفاسها؛ بأربعين يوماً، وطهرها منه بعشرين يوماً، ثم يقدر حيضها بعد ذلك بعشرة أيام وهكذا.
وأما المعتادة التي لم تنس عادتها فإنها ترد إلى عادتها في الطهر والحيض، إلا إذا كانت عادة طهرها ستة أشهر؛ فإنها ترد إليها، مع إنقاص ساعة منها بالنسبة لانقضاء العدة؛ وأما بالنسبة لغير العدة؛ فترد إلى عادتها كما هي.
وأما المتحيرة، وهي التي نسيت عادتها؛ فإن مذهب الحنفية في أمرها شاق؛ ومن أراد أن يعرف أحكامها، فليرجع إلى غير هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>