للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فاسداً فإذا غصب شخص من آخر بقرة مثلاً فإنه يجب على الغاصب أن يرد البقرة ما دامت موجودة فإذا ماتت وجب عليه أن يشتري مثلها لصاحبها.
وإذا اغتصب جوهرة ليس لها مثيل وفقدت عليه أن يدفع لصاحبها قيمتها متى ثبت ضياعها بينه أو إقرار. وكذلك إذا اشترى سلعة بعقد فاسد كما ستعرفه موضحاً في مبحث شروط الكفالة.
أما العيان المضمونة بغيرها فهي الأعيان التي يجب تسليمها ما دامت موجودة فإذا هلكت لا يجب تسليم مثلها ولا قيمتها فإنه مضمون بغيره وهو الثمن فإذا اشترى سلعة وأعطاه ثمنها ولم يقبضها وكفلها للمشتري فغن الكفيل لا يلزم برد مثلها ولا قيمتها ومثل ذلك الرهن فإنه مضمون بغيره وهو الدين فإذا كان لشخص عند آخر دين وأعطاه سلعة رهناً عن ذلك الدين ثم كفل السلعة آخر وهلكت السلعة لا يلزم الكفيل بثمنها ولا قيمتها فالأعيان المضمونة بنفسها والمضمونة بغيرها تصح كفالتها ولكن ذمة الكفيل لا تشغل بها اتفاقاً فليس لصاحبها إلا أن يطالب الكفيل بإحضارها في حال وجودها ويدفع قيمتها أو رد مثلها في الأعيان المضمونة بنفسها ولا يطالب بشيء عند هلاك العيان المضمونة بغيرها فمن أجل ذلك قلنا إن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة ليشغل التعريف أقسام الكفالة الثلاثة.
أما الأعيان غير المضمونة لا بنفسها ولا بغيرها فإنها لا يجب تسليمها ولا تصح كفالتها وهي الأمانات كالوديعة، ومال المضاربة والشركة ونحوها. وقد اعترض على التعريف الثاني وهو ضم ذمة إلى ذمة في الدين أن هذا التعريف يستلزم تعدد الدين ومضاعفته فإذا كان لشخص دين عند آخر قدره ألف ثم كفله فيه غيره وشغلت ذمة الكفيل به في ذمة كل منها ألف ولكن هذا الاعتراض ليس بشيء لأن الدين وإن شغلت به ذمة الكفيل إلا أنه ليس لصاحبه أن يأخذ دينه إلا من أحدها فقط ومتى دفعه أحدهما فقد برأت ذمة الآخر منه فلا يلزم من شغل الذمتين به أن يأخذه من اثنين ونظير هذه الغصب من الغاصب فإذا اغتصب زيد سلعة من عمرو واغتصب خالد تلك السلعة من زيد الغاصب فإن كلاً من زيد الغاصب الأول وخالد الغاصب الثاني منه يكون ضامناً لتلك السلعة لا يتعدد حقه بذلك فليس إلا أن يستوفي حقه من أحدهما إلا أنه في مسألة الغاصب تبرأ ذمة أحدهما إذا اختار صاحب السلعة الثاني وضمنه سلعته بخلاف الكفالة في الدين فإنه لا تبرأ الذمة اختيار واحد منهما ليضمن له دينه بل لا تبرأ إلا بالقبض فعلاً.
فوجهة نظر من يقول إن الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة فقط هي جعل التعريف عاماً يشمل الأقسام الثلاثة.
أما من قال: إنها ضم في نفس الدين مع المطالبة أيضاً فقد استدل بأدلة منها.
أن صاحب الدين إذا وهبه للكفيل الحق في ان يرجع به على الأصيل فلو لم تكن ذمة الكفيل مشغولة بالدين لما صح أن يهبه له الدائن لأن الدين لا تصح هبته لمن ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>