للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الشرط الأول: أن يكون ديناً صحيحاً. والدين هو الذي لا يسقط إلا بأدائه لصاحبه أو بالبراءة بأنه يسامح فيه صاحبه. ويقوم مقام الإبراء منه أن يفعل صاحبه ما يستلزم سقوطه مثال ذلك مهر الزوجة قبل الدخول فإنه يسقط إذا رضيت لابنه البالغ أن يقبلها بشهوة فهو وإن لم تبرئه حقيقة ولكنها بفعلها هذا أبرأته حكماً.
فالدين الصحيح هو الذي لا يسقط إلا بقضائه أو الإبراء منه حقيقة أو حكماً، وهذا هو الدين الذي يصح ضمانه، أما غيره فإنه لا يصح كدين الكتابة فإن للمديون وهو العبد المكاتب أن يفسخ عقد الكتابة متى شاء، ويستثنى من ذلك الدين المشترك بين اثنين فإنه وإن كان صحيحاً ولكن لا يصح لأحد الشريكين أن يضمنه.
مثلاً إذا اشترى شخص من تاجر شريكين بعشرين جنيهاً إلى أجل فإنه لا يصح لأحد الشريكين أن يضمن المشتري في الثمن لأنه إن ضمنه مع بقاء الشركة بأن ضمنه في نصف شائع كان ضامناً لنفسه لأن كل جزء يؤديه الأصلي يكون له فيها نصيب وإن ضمنه في نصف صاحبه بدون شيوع كان ضامناً لنفسه لأن كل جزء يؤديه الأصيل يكون له فيه نصيب وإن ضمنه في نصف صاحبه بدون شيوع كان معناه قسمة الدين قبل قبضة وهي لا تجوز لأن معنى القسمة هي أن يفرز كل مهما نصيبه ويحزه، وذلك لا يتصور في الدين قبل قبضه لأنه شغل ذمة المدين وهو أمر معنوي فإذا كان الضامن أجنبياً فإنه يصح مع بقاء الشركة فمن اشترى سلعة من تاجر وأتى لهما بضامن فإنه يصح ويكون ما يدفعه الضامن بمنزلة ما يدفعه الأصيل، وكذا تستثنى النفقة المقروءة بالقضاء أو بالتراضي فإنها دين غير صحيح لأنها تسقط بالموت أو بالطلاق ومع ذلك فإنه يصح ضمانها ومحل كون النفقة تسقط بالموت أو الطلاق إذا لم تكن مستدانة بأمر القاضي وإلا فهي دين صحيح لا يسقط أصلاً.
الشرط الثاني: أن يكون الدين قائماً ومعنى كونه قائماً أن يكون باقياً غير ساقط. فإذا كان له على ميت مفلس فإنه لا يصح ضمانه لأن الميت المفلس سقط عنه الدين. ولا يشترط أن يكون الدين معلوماً تصح الكفالة بالمجهول.
ومثال الدين الصحيح القرض وثمن المبيع بعقد صحيح فإذا اشترى شخص سلعة من آخر ولم يدفع ثمنها ثم كفله شخص فيها ودفع ثمنها ثم ظهر فساد العقد بعد ذلك كان الكفيل مخيراً بين أن يرجع بما دفعه على البائع أو على المشتري. أما إذا كان عقد البيع صحيحاً وقت الكفالة ثم أضيف إليه شرط أفسده بعد ذلك فإن الكفيل يرجع بما دفعه على المشتري فقط يرجع على البائع والفرق أن البائع قد قبض ما يستحقه لأن العقد كان صحيحاً والكفيل يرجع على المشتري لا على البائع.
ويشترط في كفالة الأعيان أن تكون مضمونة بنفسها أو بغيرها كما ذكرنا في تعريف الكفالة. ومن الأعيان المضمونة بنفسها المبيع على سوم الشراء فإذا ساوم شخص آخر على سلعة سمى له ثمنها ثم استلمها على أن ينظر إليها أهله قبل أن يبت في شرائها فإن كفالتها تصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>