الأمر الثالث: أن يكون سبباً لتعذر الاستيفاء نحو إن غاب زيد عن البلد فعلىّ فالشرط وهو غياب زيد سبب لتعذر استيفاء الدين منه فيصح أن يكفله فيه. ومثل ما إذا قال له: ضمنت لك ما على فلان من الدين إن مات ولم يترك شيئاً ونحو ذلك. وحاصل هذا المقام أن تعليق الكفالة صحيح إذا لم يترتب على ذلك إخلال بعقد الكفالة وهو توثيق الدين وتأكيده فإذا كان الشرط من الأمور ليست محققة الوقوع فإنه لا يصح. ومثل ذلك ما إذا أجل الكفالة إلى أجل مجهول جهالة شديدة كما إذا قال له: أكفل لك نفس زيد عند هبوب الريح أو نزول المطر وفي هذه الحالة تثبت الكفالة ويبطل الأجل. أما إذا أجل إلى أجل مجهول جهالة يسيرة كما إذا قاله: كفلت لك زيداً إلى الحصاد أو إلى موسم النيروز ونحو ذلك فإنه يصح وثبتت الكفالة والأجل. أما إذا أجل الكفالة إلى وقت معين كما إذا قال له: أكفل لك زيداً أو ما على زيد من هذه الساعة إلى شهر فإنه يكون كفيلاً مدة شهر بلا خلاف. أما إذا قال له: أكفله لك شهراً بدون أن يذكر (من) وإلى، فإن فيه خلافاً فبعضهم يقول: إنه يكون كفيلاً دائماً وبعضهم يقول: إنه كفيل في المدة التي ذكرها ولا يكون كفيلاً بعد ذلك، أما إذا قال: أكفله إلى شهر فقط (من) فكذلك فيها الخلاف فبعضهم يقول إنها كالأول وبعضهم يقول إنها كالثاني. والتحقيق في ذلك أن صيغ الكفالة مبنية على العرف جارياً على أن هذه الصيغ لا يقصد منها إلا تأجيل الكفالة بأجل معلوم فإنها تحمل عليه لا فرق بين أن يذكر (من) وإلى، أو لم يذكر منهما، فلو قال: كفلت لك شهراً يكون كفيلاً في هذه المدة فقط ولا يكفله بعد ذلك إلا إذا قامت قرينة على خلاف العرف فيعمل بها. وكما أن الكفالة نفسها لا تصح إذا علقت على شرط غير ملائم فكذلك البراءة منها لا تصح إذا علقت على شرط غير ملائم فإذا قال صاحب الدين للكفيل: إن جاء الغد فأتت بريء من الدين لا تصح البراءة ويكون لصاحب الدين مطالبة الكفيل كما كانمن قبل، والمراد بالشرط غير الملائم هنا هو كل شرط لا يستنفذ منه صاحب الدين شيئاً كما مثله وكقوله إن دخلت الدار فأتت بريء من الكفالة ونحو ذلك من الشروط التي لم يتعارف الناس. أما الشروط المتعارفة التي يستنفذ منها صاحب الدين فإنه يصح تعليق البراءة عليها كقوله: إن دفعت لي بعض الدين فأتت بريء من الكفالة في الباقي. الشافعية - قالوا: تنقسم شروط الضمان إلى أربعة أقسام: