للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الصورة العاشرة: أن يخالف الوديع صاحب الوديعة فيما يأمره به إلا إذا كان فيه زيادة حفظ فإذا قال لا تحمل هذا الصندوق على دابة فحمله فانكسر ما فيه ضمن وكذا إذا قال له لا تنم عليه ففعل فانكسر ما فيه فإنه يضمن أما إذا نام فلم ينكسر ما فيه وبعد ذلك سرق فإنه لا يضمن لأن المخالفة لم يترتب عليها ضرر.
أما إذا نهاه عن وضع قفلين ففعل فإنه لا يضمن فيه زيادة احتياط.
الحنابلة - قالوا: الوديع لا يضمن الوديعة إلا إذا تعدى عليها بأن فيها أو فرط في حفظها فتلفت أو ضاعت ويحصل ضمانها بأمور: منها أن يضعها الوديع في مكان لا يحفظ فيه مثلها في العرف كما إذا كانت عقد جوهر في صندوق لا قفل له فسرقت فإنه يضمن لتفريط في حفظها فإذا وضعها في مكان يحفظ فيه مثلها (حرز المثل) ثم نقلها إلى مكان آخر يحفظ فيه مثلها أيضاً ولكنه أقل من الأول صيانة وحفظاً لا يضمن لأنه فعل الواجب لوضعها في حرز مثلها.
وإذا عين له صاحبها مكاناً لحفظها وجب عليه أن يضعها فيه أو في مكان مثله أو اعلى منه في الصيانة والحفظ فإذا وضعها في مكان أقل منه فضاعت ضمنها أما إذا وضعها في المكان الذي عينه صاحبها من أول الأمر فإنه يحرم عليه أن يخرجها من ذلك المكان من غير حاجة فإذا فعل وضاعت ضمنها حتى ولو كان المكان الذي نقلها إليه أصون من المكان الأول.
أما إذا أخرجها من مكانها خوفاً عليها من حرق أو غرق أو هدم المكان الذي هي فيه فهلكت لم يضمن بل يجب عليه في هذه الحالة أن يخرجها من المكان بالأخطار وإنما يلزمه أن يضعها في حرز مثلها أو أعلى إن لم يمكن فإنه لا يكلف إلا ما قدر عليه ولا ضمان.
فإذا تركها في المكان الذي عينه له صاحبها في حالة الخطر وهلكت كان الوديع ضمانها سواء هلكت بالأمر المخوف أو لسبب وهلكت فإنه لا يضمن وإذا خالفه فأخرجها فإنه لا يضمن أيضاً لأنه فعل ما فيه الحفظ في الثاني وامتثل أمر صاحبها في الأول.
ومنها: أن يهمل في أمر حفظها فإذا كان الوديعة حيواناً يجب على الوديع أن يصعمه ويسقيه إلا أن ينهاه صاحبه عن ذلك فإن فعل لا يضمن ولكن يأثم بتركه الحيوان من غير إطعام ويطالب الوديع صاحب الحويان أو وكيله بعلفه أو رده إليهما فإن لم يجدهما رفع الأمر إلى الحاكم ليأخذ قيمة علفه من مالهما مال وإلا بما فيه المصلحة من بيع الحيوان أو إجارته أو الاستدانة عليه للإنفاق عليه ويجوز أن يأمر الوديع بالإنفاق عليه من ماله بحسب اجتهاده ويرجع بما أنفقه على صاحب الحيوان.
ومنها: أن يدفع الوديع إلى أجنبي ليحفظها عنده فإذا فعل وضاعت فإذا دفعها إلى من يحفظ ماله كزوجة ولده وخادمه وخازنه ووكيله لم يضمن إن تلفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>