وإذا اوصى لأحدهما بأكثر من الثلث، ولم تجز الورثة فأبو حنيفة يقول: إن الزيادة تقع باطلة، ويبطل ما قصده الموصي من تفصيل من أوصى بالزيادة فيقسم الثلث بينه وبين الآخر بدون تفاصيل. أما الصاحبان فيقولان: إن الزيادة عن الثلث وإن بطلت لعدم إجازتها من الوارث فلا يكون له حق فيها ولكن تفصيله على الآخر لا يبطل، فيقسم الثلث على أن يفصل الذي ميزه الموصي في وصيته. بيان ذلك إذا فرض أو أوصى شخص لزيد بجميع ماله وأوصى عمرو بثلث ماله ولم تجز الورثة الوصية فالإمام يقول: يقسم الثلث بينهما مناصفة ومن ميزه الموصي في وصية له بالكل يميز فيأخذ ثلا ثة أرباع الثلث ولآخر يأخذ ربعه وطريق القسمة على اصطلاح علماء الفرائض أن يقال: إن أصل المسألة من ثلاثة لاحتياجنا إلى الثلث الذي بينهما ومخرج الثلث ثلاثة فأن التركة كلها ثلاثة يطلب الموصى له بكل المال، والثلث سهم واحد يطلبه الموصى له بالثل فنجعل الثلاثة أربعة، وبذلك يزيد عدد السهام واحداً وتنقص قيمتها فتكون أربعة يأخذ صاحب الثلث سهماً واحداً ويأخذ صاحب الكل أربعة أسهم، وهذا هو معنى قولهم: يضرب صاحب الكل ثلاثة أجزاء من الثلث وهي ثلاثة أباع الثلث ويبقى ربع الثلث للآخر. هذا لم تجزه فإذا فرض وأوصى لرجل بكل ماله وأوصى لآخر بثلث ماله ولم يكن وارث أو وارث أجاز. فكيف تكون القسمة بينهما؟ والجواب: أن القياس فيها على رأي الإمام أن يقال: يقسم بينهما بطريق المنازعة، ومعنى ذلك أن بعض المال متفق عليه الاثنين وهو الثلثان لأن الموصى له بالثلث لا ينازع الموصى له بالكل في الثلثين، فيعطى الثلثان لصاحب الكل بدون نزاع، ويبقى الثلث ينازع فيه له بالثلث السدس ويصيب صاحب الكل السدس الثاني، وبإضافته الثلثين يكون مجموع ما أخذه الموصى له بالكل خمسة أسداس والموصى له بالثلث سدساً واحداً. وهذه الطريقة سهلة، ولكن بعضهم اعترض عليها بأن نصف الثلث يأخذه الموصى له بالثلث عند الإمام في حال ما إذا لم تجز الورثة فأي فرق بين الحالتين حالة الإجازة وعدمها، فينبغي قسمتها بطريق المنازعة على أن يستحق صاحب الثلث ربع المال وسدسه. وبيان ذلك أن يقسم الثلث أولاً لعدم توقفه على إجازة وارث فيأخذ كل منهما نصفه منازعة ثم يقسم الثلثان فيكون أصل المسألة من ثلاثة لحاجتنا فيها إلى الثلث ومخرج الثلث ثلاثة فكأن كل المال ثلاثة والثلث سهم واحد استوت منازعتها فيه فيستحق ككل منهما نصف سهم وهو فتنكسر المسألة بالنصف وذلك يستلزم ضرب منخرج النصف في أصل المسألة وهي ثلاثة فيكون الحاصل ستة