للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا والمشهور في المذاهب (١) أن المعقود عليه هو الانتفاع بالمرأة دون الرجل كما ذكر، ولكن ستعرف من مبحث أحكام النكاح أنه يحرم الانصراف عن المرأة إذا ترتب عليه إضرار بها أو إفساد لأخلاقها وعدم إحصانها كما أنه يحرم على الرجل أن تتلذذ به أجنبية عنه فقواعد المذاهب تجعل الرجل مقصوراً على من تحل له كما تجعل المرأة مقصورة عليه، وتحتم على الرجل أن يعفها بقدر ما يستطيع كما تحتم عليها أن تطيعه فيما يأمرها به من استمتاع إلا لعذر صحيح.

وبعد فمن المعلوم أن العقد الذي يفيد الاختصاص بالاستمتاع وحله إنما هو العقد الشرعي الصحيح وهو لابد فيه من أن يكون مستكملاً للشرائط الآتية: كأن يكون على امرأة


التحريم بالكتاب أو الإجماع، فقوله: غير عالم عاقده حرمتها ان حرمها الكتاب معناه أن هذا قيد يخرج به عقد العالم بالتحريم بالكتاب من عقد النكاح أصلاً، وقوله: أو الإجماع على غير المشهور معناه أن هذا قيد يخرج به عقد العالم بالتحريم بالإجماع فلا يسمى نكاحاً ولكن على خلاف المشهور لأنك قد عرفت أن المشهور يسمى نكاحاً فاسداً وقوله: ببينة قبله أي قبل التلذذ وأخرج به ما إذا دخل بها قبل أن يشهد على الدخول فإن العقد لا يكون عقد نكاح، ويرد عليه أنه إذا دخل بها بدون شهود يفسخ بطلقة وهذا فرع ثبوت النكاح، والجواب أن الفسخ حصل بناء على إقرارهما بالعقد ورفع عنهما الحد بشبهة العقد اهـ.
وقد صرح المالكية في أول الإجازة أن عقد النكاح هو عقد تمليك انتفاع بالبضع وسائر بدن الزوجة كما ذكرنا في أعلى الصحيفة السابقة.
الحنابلة - قالوا: هو عقد بلفظ إنكاح أو تزويج على منفعة الاستمتاع وهم يريدون بالمنفعة الانتفاع كغيرهم لأن المرأة التي وطئت بشبهة أو بزنا كرهاً عنها لها مهر مثلها وهي تملكه لا الزوج إن كانت متزوجة لقوله عليه السلام: "فلها بما استحق من فرجها" أي نال منه بالوطء) .
(١) (الشافعية - قالوا: إن الراجح هو أن المعقود عليه بالمرأة أي الانتفاع ببعضها، وقيل: المعقود عليه كل من الزوجين، فعلى القول الأول لا تطالبه بالوطء لأنه حقه ولكن الأولى له أن يحصنها ويعفها، وعلى القول الثاني لها الحق في مطالبته بالوطء كما أن له الحق في مطالبتها لأن العقد على المنفعتين منفعته بها ومنفعتها به، وهذا حشن وإن كان مرجوحاً.
لأن الرجل قد ينصرف عن المرأة فتفسد أخلاقها. وفي هذه الحالة يجب عليه أن يعفها أو يسرحها بالمعروف.
الحنفية - قالوا: إن الحق في التمتع للرجل لا للمرأة بمعنى أن للرجل أن يجبر المرأة على الاستمتاع بها بخلافها فليس لها جبره إلا مرة واحدة، ولكن يجب عليه ديانة أن يحصنها ويعفها كي لا تفسد أخلاقها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>