ومن هذا يتضح أن الكفاءة وإن كانت لا تعتبر من جانب الرجل ولكنها تعتبر إذا كان صغيراً. هذا وإذا رأت الصغيرة الدم في جوف الليل حيث لا يمكنها إحضار الشهود فإن عليها أن تختار نفسها فوراً وتفسخ العقد ثم تشهد بمجرد طلوع النهار ولكنها لا تصرح بأنها رأت الدم ليلاً بل تقول لهم: اشهدوا بأنني بمجرد أن بلغت فسخت العقد، أو تقول اشهدوا بأنني بالغة الآن وقد فسخت العقد بمجرد البلوغ ولا تقول: أنني بلغت ليلاً إذ لو قالت ذلك بطل اختيارها. ولا يخفى أن هذه حالة ضرورة. هذا وليس للوصي أن يزوج الصغير والصغيرة سواء أوصى له الأب بزواجهما أو لم يوص. وقد عرفت أنه إذا لم يكن لها ولي من العصب أو ذوي الأرحام كان وليها السلطان أو القاضي المأذون بتزويج الصغيرة من السلطان، فإذا زوجت نفسها في جهة بها قاض انعقد العقد موقوفاً على إجازة القاضي، وقيل لا ينعقد ويتوقف على إجازتها بعد بلوغها. أما البالغة سواء كانت بكراً أو ثيباً فلا جبر عليها لأحد ولا يتوقف نكاحها على ولي بل لها أن تزوج نفسها لمن تشاء بشرط أن يكون كفأً وإلا فللولي الاعتراض وفسخ العقد إذا زوجت نفسها من غير كفء. وإلا فللأقرب منهم حق الفسخ، فإذا زوجها الولي فإنه يسن له أن يستأذنها بأن يقول لها: فلان يخطبك ونحو ذلك فإن زوجها بغير استئذان خالف السنة، ويصح العقد موقوفاً على رضاها. ولا يشترط في البكر أن تصرح بالقبول بل يكفي أن يصدر منها ما يدل على الرضا كأن تسكت أو تبتسم أو تضحك غير مستهزئة أو تبكي بكاء الفرح، أما إذا ظهر منها ما يدل على عدم الرضا كأن تضرب وجهها أو نحو ذلك فإنه لا يكون رضا، هذا إذا زوجها الولي أو وكيله أو رسوله أو زوجها الولي ثم أخبرها رسوله أو أخبرها شخص أجنبي فضولي بشرط أن يكون عدلاً فصدر منها ما يدل على الرضا على الوجه المتقدم فإنه يعتبر إجازة للعقد، أما إذا زوجها غير الولي من غير إذنها ورضاها - وهو نكاح الفضولي - ثم بلغها الخبر بالصورة المتقدمة فإن إجازة العقد لا يكفي فيها سكوتها بل لابد أن يصدر منها ما يدل على الرضا دلالة صريحة من قول أو فعل، ودلالة الفعل هي أن تطلب مهرها أو تقبل التهنئة بالسكوت أو الرد عليها، أو تمكن الزوج من الدخول والوطء أو نحو ذلك. ومثل البكر التي زوجها غير الولي الثيب التي زوجها الولي أو غيره فإنه لابد فيها من التصريح بالقول أو ما في معناه. والبكر اسم لامرأة لم تجامع أصلاً، ويقال لها: بكر حقيقة فمن زالت بكارتها بوثبة أو حيض قوي أو جراحة أو كبر فإنها بكر حقيقة، ومثلها من تزوجت بعقد صحيح أو فاسد ولكن طلقت أو مات عنها زوجها قبل الدخول والخلوة أو فرق بينهما القاضي بسبب كون زوجها عنيناً أو مجبوباً فإنها بكر