والحاصل أن الترتيب بين الأولياء غير المجبرين ليس شرطاً، بل هو مندوب، أما الولي المجبر فإنه لا بد منه على التفصيل الذي عرفته. وقد يقال: إذا كان الترتيب بين الأولياء غير المجبرين ليس شرطاً، ومعلوم أن المالكية يعتبرون ولاية المسلمين العامة، فكل واحد من المسلمين ولي، فعلى هذا يصح للمرأة أن تتزوج بواسطة أي فرد من أفراد المسلمين مع وجود وليها الخاص غير المجبر مع أخ وعم ونحوهما. والجواب أنه يصح للبالغة العاقلة أن تفعل ذلك بشرط أن تكون غير ذات مال أو جمال أو نسب عال، وهي المعبر عنها بالدنيئة، وينفذ العقد مع وجود أوليائها غير المجبرين سواء دخل بها أو لم يدخل، أما إن كانت ذات مال أو جمال أو نسب فإنه لا يصح، فإن فعلت فسخ العقد قبل الدخول ما لم يطل الزمن على العقد، ويقدر الطول بالعرف، وقيل: يفسخ قبل الدخول مطلقاً، أما بعد الدخول فإنه يفسخ إن لم يطل الزمن، ويقدر الطول بثلاث سنين أو بولادة بطنين، فإن أجازه الولي الخاص قيل: يصح - وهو الظاهر - وقيل: لا يصح) . (١) (الشافعية - قالوا: الترتيب في الأولياء شرط لا بد منه، ولا تنتقل الولاية من الولي الأقرب للأبعد إلا في أحوال: منها الولي القريب الذي له حق مباشرة العقد صغيراً، فإذا بلغ ولم يرتكب جريمة فسق بعد بلوغه ثبت له حقها، ولا يلزم أن تثبت عدالته، ولكنه لا يشهد إلا إذا ثبتت عدالته بانقضاء سنة بعد بلوغه لم يثبت عليه فيها فسق، ففرق بين الشهادة والولاية إذ الشهادة لا بد فيها من ثبوت العدالة بخلاف الولاية فيكفي فيها عدم الفسق. ومنها: أن يكون الولي الأقرب مجنوناً ولو كان جنونه متقطعاً، ولكن يزوج الولي الأبعد في زمن جنون الأقرب دون زمن إفاقته، إلا إذا كان زمن الجنون قليلاً كيوم في سنة فإنه ينتظر زمن الإفاقة باتفاق. ومنها: أن يكون الولي فاسقاً، فإذا تاب رجع إليه حقه في الحال. ولا ينتظر زمناً تثبت فيه العدالة لأن المطلوب في عدم الولي عدم الفسق لا العدالة بخلاف الشهود. فإن الشرط فيها العدالة ولهذا لا يصح له أن يشهد إلا بعد مضي سنة من التوبة تظهر فيها عدالته كما علمت. ومنها: أن يكون محجوراً عليه، فإن كان محجوراً عليه لفسق سلبت عنه الولاية للفسق كما تقدم، وإن كان محجوراً عليه لسفه وتبذير في ماله فبعضهم يرى أنه لا حق له في الولاية على المرأة في