هذا إذا جمع بينهما في عقد واحد. أما إذا جمع بينهما في عقدين متواليين، فإن عرف العقد الأول ولم ينس بطل العقد الثاني وصح الأول، فإذا عقد على البنت أولاً ثم عقد على أمها ثانياً صح الأول وبطل الثاني، وهو قبل الدخول لا أثر له، أما إذا دخل بأمها حرمت عليه بنتها مؤبداً على الوجه السابق لأن الوطء بالعقد الفاسد يحرم، وإن كانت الأولى الأم ولم يدخل بها فالأمر ظاهر وإلا حرمت البنت، وإن نسي العقد الأول ولم تعرف السابقة يقيناً وجب التوقف، فلا يحل له وطء واحدة منهما حتى يتبين الحال، كما لا يحل لأحد أن يتزوجها قبل أن يطلقهما معاً، أو يموت عنهما، هذا إذا كان يرجى معرفة العقد السابق، أما إذا كان ميئوساً من معرفته فإن لهما أن يرفعا أمرهما إلى الحاكم، وهو يفسخ العقد دفعاً للضرر، وهذه المسألة نظير ما إذا زوجها وليان لزوجين ولم يعلم أيهما الأول كما تقدم، ومثل ذلك ما إذا جهل السابق منهما، أو جهل صدورهما معاً، فإن العقدين يبطلان على كل حال. الحنابلة - قالوا: إذا جمع بين اثنتين لا يحل له جمعهما في عقد واحد، كأختين، وقع العقد باطلاً، وعليه فرقتهما بطلاق، فإن لم يطلق فسخه الحاكم، ثم إن وقع الفسخ قبل الدخول والخلوة الصحيحة فلا مهر لهما وشلا متعة ولو مات عنهما، لأن العقد الفاسد وجوده كعدمه، أما بعد الدخول أو الخلوة فإنهما يجب لهما مهر المثل الذي يجب في النكاح الباطل المجمع على بطلانه، كالجمع بين الأختين في عقد، أو العقد على امرأة خامسة، أو العقد على المعتدة، فإن كل هذا باطل باتفاق وإنما وجب فيه المهر بالوطء، لحديث عائشة المتقدم "ولها الذي أعطاها بما أصاب منها" ومثلها التي وطئت بشبهة، أو وطئت بزنا كرهاً عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فلها بما استحل من فرجها" أي نال منها بالوطء. فإذا عقد عليهما في عقدين متواليين، ولكن لم يعرف الأولى منهما، فإنه يجب عليه أن يطلقهما معاً، وإن لم يفعل فرق بينهما الحاكم، ولكن يجب في هذه الحالة نصف المهر لإحداهما. إذ لا بد من كون واحدة منهما عقدها صحيح، فإذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف المهر، ولكن لما كانت غير معلومة بحيث لم تعرف أيتهما صاحبة العقد الصحيح، أقرع بينهما فمن وقعت عليها القرعة استحقت نصف المهر، أما إذا دخل بهما فقد عرفت أن لهما المثل. فإن دخل بإحداهما دون الأخرى استحقت المدخول بها المهر كاملاً، وبقيت الأخرى من غير أن يعرف حالها، فيعمل في شأنهما معاً بالقرعة. فإن وقعت القرعة على غير المدخول بها استحقت نصف المهر. والأخرى لها صداقها كاملاً بالدخول، وإن لم تقع القرعة عليها فلا شيء لها وللأخرى مهرها بالدخول. أما إذا عقد عليهما عقدين مترتبين، وعرف السابق منهما، فإن الأول يقع صحيحاً. والثاني يبطل. وقد عرفت أن العقد الفاسد يوجب حرمة المصاهرة، فمن عقد على بنت وأمها عقدين في آن