للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


يصح الإقدام على العقد إلا بعد التيقن، وهذا بخلاف ما إذا غاب الرجل على امرأته زمناً طويلاً حتى صار مفقوداً، وتزوجت بغيره قبل ثبوت موته، أو طلاقه، ثم ظهر أنه ميت، أو مطلق، فإن العقد الثاني يقع صحيحاً، وذلك لأنه في الثاني نظر للواقع، لأن المرأة لم تخاطب بعده حتى يجب عليها التيقن، فلذا نظر في جانبها للواقع بخلاف الأول كالثاني، ولكن المعتمد هو البطلان كما عرفت. ومنها نكاح الوثنية التي لا كتاب لها على التفصيل المتقدم، وبطلانه ظاهر لأنها غير محل للعقد.
ومنها نكاح المرتدة، فإنه باطل لاختلال ركنه، وهي لا تحل لمسلم، ولا غيره لبقاء علاقتها بالإسلام، فإن ارتدت وهي تحت مسلم قبل الدخول بطل النكاح، وإن بعده وقف البطلان حتى تنقضي العدة، إن بقيت بدون أن ينفذ عليها الحد، ولو جامعها لا حد عليه لشبهة بقاء العقد كما يأتي. ومنها أن ينكح الحر أمته المملوكة له، فإن العقد يقع باطلاً لكونها ليست محلاً للعقد، لاختلاف الأحكام، فإن النكاح يقتضي طلاقاً، وقسماً، وظهاراً، وغيرها، والملك لا يقتضي شيئاً من ذلك، فإن أراد زواجها وجب عتقها.
واعلم أن كل وطء لا يجب به الحد على الفاعل يوجب العدة، ويثبت به النسل، ويجب به مهر المثل، وإلا كان زنا لا يثبت به شيء. ويوجب الحد، وقولهم: يوجب الحد على الفاعل خرج به ما يوجب الحد على المفعول دون الفاعل في بعض الصور، وذلك كما إذا زنى مراهق ببالغة، أو مجنون بعاقلة، فإن الحد لا يجب على الزاني منهما لصغره أو جنونه، وإنما يجب على الزانية لبلوغها وعقلها، ومع ذلك فإنه في هذه الحالة تجب على المرأة العدة، ويثبت النسب، ويستثنى من قاعدة - كل ما لا حد فيه تجب فيه العدة، ويثبت به النسب - وطء المكره لامرأة مختارة فإنه يرتفع عنه الحد بشبهة الإكراه، ولكنهما مع ذلك زانيان فلا مهر، ولا عدة ولا نسب، وذلك لأن الإكراه لا يبيح الزنا، بل قالوا: إن الإكراه على الزنا غير ممكن، لأن الوطء يستلزم توجه النفس حتى يمكن الانتشار والإيلاج، أما المكره فإن نفسه متأثرة بما لا يمكن معه الانتصاب والإيلاج، فليس المكره كالمراهق، والمجنون الذي لا يعقل.
وإذا أردت معرفة العقد الفاسد فارجع إلى محترزات النكاح المتقدمة.
المالكية - قالوا: النكاح الفاسد نوعان: نوع مجمع على فساده بين الأئمة. ونوع غبر مجمع على فساده، فالأول كنكاح المحارم بنسب، أو رضاع، والجمع بين ما لا يحل الجمع بينهما، وتزوج خامسة في عدة الرابعة، وهذا لو وقع يفسخ قبل الدخول وبعده بلا طلاق، فإن فسخ قبل الدخول فلا شيء فيه، لأن القاعدة أن كل عقد فسخ قبل الدخول لا صداق فيه، كان متفقاً على فساده أو مختلفاً فيه، سواء كان الفساد بسبب العقد أو بسبب الصداق بأن كان خمراً أو نحوه، أو كان بسببهما معاً إلا إذا تزوجها بمهر دون أقل المهر - كدرهمين - مع أن أقله ثلاثة، فإن لها نصف الدرهمين بالفسخ قبل الدخول، ومثل ذلك فرقة المتراضعين، وفرقة المتلاعنين قبل الدخول فإن لهما نصف الصداق المسمى أما إن فسخ بعد الوطء فإنه يثبت به الصداق، فإذا جمع بين البنت وعمتها، أو خالتها في عقد

<<  <  ج: ص:  >  >>