للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


والحاصل أن الأمراض المشتركة بين الرجل والمرأة، والأدواء المختصة بالرجل إذا كان يرجى برؤها فإنه يؤجل فيها الحر سنة والعبد نصفها، ونقل عن مالك أيضاً أن العبد في ذلك مثل الحر، وهو المعقول، وإن كان العمل على الأول.
وأما الأمراض المختصة بالنساء، فالتأجيل فيها بالاجتهاد حسبما تقتضيه حالة علاج الداء.
ثم إن بدء التأجيل بالسنة يكون من يوم الحكم لا من يوم رفع الأمر للقاضي، وإذا كان المعيب مريضاً بمرض آخر غير العيب تحتسب السنة من الوقت شفائه من المرض الآخر، مثلاً إذا أجل للرجل الذي لا ينتصب سنة، وكان مريضاً بالحمى، فتحسب له السنة من أول يوم شفي من الحمى.
هذا، ولا يكون للمرأة خيار إذا دخل بها، وهو سليم من المرض، ووطئها ولو مرة واحدة، ثم عرض له المرض بعد ذلك، فلو كان صبياً ثم أصيب بقطع ذكره لمرض بعد أن عاشرها وهو سليم كان ذلك مصيبة حلت به لا خلاص له منها، ومثل ذلك ما إذا عرض له مرض منعه من الانتصاب أو عرضت له شيخوخة منعته من الوطء.
هذا حكم التأجيل، وقد يتنازع الزوجان بعد انتهاء مدة الأجل فإليك بيان حكم التنازع، إذا تنازع في البرء من هذه العيوب، فغن كان العيب ظاهراً، كالجذام، والبرص، والجنون، فلأمر ظاهر لأن البرء منها لا يخفى في الوجه أو اليدين ولا بد فيه من شهادة رجلين، وإن كان في باطن الجسم كفى فيه امرأتان، ومعنى هذا إباحة النظر فيه للطبيب الثقة من بباب أولى، أما إن كان باطناً، وهو العيب المتعلق بعضو التناسل فإن كان متعلقاً بالرجل كعدم انتصاب الآلة فادعى أنه وطئها قبل تمام السنة المحددة له وأنكرت كان القول له بيمنه، لأنه أنكر أصل الدعوى، وهي عدم قدرته على الوطء، فإن نكل عن اليمين حلفت هي فغن حلفت قضي لها بأن يأمره بتطليقها، فإن أبى، ففيه قولان: أحدهما أن الحاكم يطلق عليه. ثانيها: أن الحاكم بأمرها هي بإيقاع الطلاق كأن تقول: طلقت نفسي منك، ثم يحكم الحاكم بالطلاق الذي أوقعته، لأن أمره إياها بإيقاع الطلاق ليس حكماً عند بعضهم، وبعضهم يقول: إن الذي يفعله القاضي بعد تطليقها نفسها ليس حكماً وإنما هو إشهاد بما حصل منها. فهو خارج عن الخلاف المذكور، وإذا طلق القاضي ثلاثاً يقع إلا واحدة، وكذا أمرها بتطليق نفسها فزادت على واحدة، أما الزوج فله أن يطلق كما شاء.
هذا، والمفروض أنه طلقها قبل البناء لأنه لم يطأها أبداً، إذ قد علمت انه لو وطئها ولو مرة سقط حقها في طلب الفسخ، وفي هذه الحالة يقع الطلاق البائن واحداً، ومع ذلك فإنه إذا خلا بها تجب العدة احتياطاً. فهما يعاملان بإقرارهما من حيث الوطء، وتعامل العدة بالخلوة الاحتياط، ولها الصداق كاملاً إن أقامت معه السنة كلها، ولو لم يطأها، لأنك قد عرفت فيما تقدم أن مكث المرأة سنة مع الزوج يقرر لها الصداق، ولو لم يطأها، لأنه قد تلذذ بها وانتفع بجهازها وطال مقامها معه فتستحق على هذا كله كل الصداق، أما إذا طلقها قبل مضي السنة، فإنها تستحق نصف المهر، ثم إن كان قد تلذذ بها كان لها الحق في العوض بحسب اجتهاد القاضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>