ثم إن عيوب الرجل التي تجعل للمرأة حق طلب الفسخ تنقسم إلى قسمين: قسم لا يمكن علاجه بحال من الأحوال، وهو الجب - قطع عضو التناسل - ويلحق به ما إذا كانت له آلة صغيرة لا تصل إلى النساء بأصل الخلقة. وقسم يمكن علاجه، وهو العنة، فالعنين هو الذي لا يستطع إتيان زوجته في قلبها ولو انتصبت آلته قبل أن يقرب منها، وإّذا أمكنه أن يأتي غيرها، أو يأتي الثيب دون البكر. أو أمكنه أن يأتي زوجته في دبرها لا في قلبها، فمن وجدت فيه حالة من هذه الأحوال كان عنيناً بالنسبة لزوجته، وكان لها حق طلب الفسخ، ولكل من القسمين أحكام: فأما المجبوب وما يلحق به فإن للمرأة به طلب الفسخ حالاً بدون تأجيل، بشروط خمسة: الشرط الأول: أن تكون حرة، فإن كانت أمة كان حق الفسخ لوليها لا لها. الثاني: أن تكون بالغة، فإن كانت صغيرة ينتظر بلوغها لجواز أن ترضى به بعد البلوغ، أما العقل فإنه ليس بشرط، لأن الزوجة إذا كانت مجنونة وزوجها وليها من مجبوب كان لوليها حق طلب الفسخ، فإن لم يكن لها ولي نصب لها القاضي من يخاصم عنها. الشرط الثالث: أن لا تكون المرأة معيبة بعيب يمنع من الوطء، كالرتق. والعفل والقرن. فإن كانت هي معيبة فلا معنى لطلبها للفرقة، وإذا اختلفا في الرتق. فادعى الرجل أنها رتقاء وأنكرت كان للرجل عرضها على النساء الخبيرات، أي الطبيبات. الرابع: أن لا تكون عالمة به قبل الزواج، فإن كانت عالمة ورضيت بالعقد، فإن حقها في الفسخ يسقط، أما العلم بعد الزواج مع عدم الرضا، فإنه لا يسقط. الخامس: أن لا ترضى بعد العقد، فإن رضيت به بعد العقد سقط حقها. ويشترط في الفسخ أن يكون صادراً من القاضي، فإذا فرق القاضي بينهما وقع به طلاق بائن، ولهما كل المهر وعليها العدة. وهو قول أبي حنيفة، وإذا كان الزوج صغيراً، وثبت أنه مجبوب، فلا يؤجل لكبره، إذ لا فائدة في التأجيل، وإذا جاءت امرأة المجبوب بولد بعد الفرقة لأقل من ستة أشهر لزمه نسب الولد، سواء خلا بها أو لا، عند أبي يوسف، وقال أبو حنيفة: إنه يثبت نسبه إذا خلا بها، ويستمر ذلك إلى سنتين من وقت الفرقة، فلا ينقطع النسب بمضي ستة أشهر، وهي أقل مدة الحمل كما يقول أبو يوسف، وذلك لأن المجبوب يمكنه أن يساحق وينزل وتحمل المرأة من مائه، فإذا ثبت أنه لا ينزل كان بمنزلة الصبي، فلا يثبت منه نسب، ولا يجب على المرأة بفراقه عدة. هذا، ولا تنافي بين ثبوت النسب وبين حق المرأة في طلب الفرقة متى كانت غير عالمة به قبل