وأما الجذام أو البرص، وهما داءان معروفان، فإنهما الجنون في الحكم المتقدم، وهل يشترط فيهما التفاحش والظهور. أو لا؟ المعتمد أنه لا يشترط، بل يكفي حكم أهل الخبرة، وهو الطبيب الموثوق به في زماننا. ويشترط في الفسخ بوجود عيب من هذه العيوب. أو غيرها مما يأتي أن لا يعلم أحدهما به، فإن علم ورضي لم يكن له حق في الفسخ، إلا العنة فإن العلم بها لا يضر كما يأتي. فإذا رضيت المرأة بعيب من هذه العيوب ولم يرض وليها كان للولي الحق في طلب الفسخ بشرط أن يكون العيب موجوداً حال العقد، أما إذا حدث بعده فليس له الحق. وذلك لأن حق الولي في هذه الحالة هو حقه في الكفاءة. وهذه العيوب تنافي الكفاءة، فمتى كان الزوج سليماً منها عند العقد. فقد صادف العقد كفاءته، فلا حق للولي في الاعتراض على ما يحدث بعد العقد، وكذا لا حق له في الاعتراض على ما هو من اختصاص المرأة، كما إذا رضيت بالعنين أو المجبوب فإن اللذة خاصة بها لا شأن له فيها. فإن قلت: إنكم قد اشترطتم في ثبوت حق الفسخ للمرأة أن لا تعلم العيب فإن علمت به فلا فسخ، وهذا لا يمكن تصوره في العيب المقارن لأنها إن علمت به ووليها سقط الخيار، وإن لم تعلم به بطل العقد لأنه وقع من غير كفء، فليس لها الخيار، والجواب هو ما ذكرناه قبل هذا، وهو أنه يتصور فيما إذا أذنت المرأة وليها أن يزوجها من هذا الشخص المعين، فزوجها منه وهو يظن أنه سليم ثم بان أن به عيباً، فإن العقد في هذه الصورة يقع صحيحاً على المعتمد، ويكون للزوجة أو وليها حق الفسخ بعد العلم. أما العيوب المختصة بالمرأة التي تجعل للرجل الحق في الفسخ، فهما الرتق والقرن، وإن شئت قلت: انسداد محل الجماع بأمر خلقي أو عارض بحيث لا يتأتى معه التمتع المقصود من العقد، وإذا كانت بالغة، وطلب منها الزوج إزالته بعملية جراحية، فإنها لا تجبر، وهو بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء فسخ العقد، هذا إذا كانت كبيرة، أما الصغيرة فلوليها أن ينظر إلى مصلحتها فإن كانت الإزالة لا خطر فيها وجبت عليه الإزالة، والفرق واضح، وهو أن البالغة تدرك معنى اللذة، وتعلم أن