للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فرق بينهما كما يقول الحنفية، وكذلك إذا ترافعوا إلينا وهم على دينهم أو ترافع إلينا أحدهما خلافاً للحنفية، فإننا لا نقرهم عليه، وإذا أسلمت الزوجة، سواء كانت كتابية. أو غير كتابية، فإن كان إسلامها قبل الوطء. أو ما في معناه. كاستدخال مني الرجل بغير الوطء وقعت الفرقة بينهما حالاً إن لم يسلم معها، وإن أسلمت بعد الدخول كان عليها العدة، فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء العدة، ولو في آخر لحظة منها لم يفسخ العقد، وإلا فرق بينهما والفرقة بينهما فسخ لا طلاق، وقد عللوا ذلك بأنهما مقهوران عليها، والطلاق إنما يكون بالاختيار، فلذا كانت الفرقة فسخاً لا طلاقاً، ولعل وجهه أنه إذا أسلم أحدهما كان الآخر مكرهاً على الإسلام. أو الفراق، فالإكراه من هذه الناحية ظاهر، فلا يرد أن الإسلام، أو الامتناع عنه صادر بالاختيار، أما ما أجيب به من أنهما مكرهان معاً على الإسلام بحسب الأصل، فإنه غير ظاهر، كما لا يخفى. وإذا أسلم الزوج، سواء كان كتابياً. أو غير كتابي وتحته امرأة كتابية، فإن نكاحهما يبقى لأنها تحل له ابتداء، فإن كانت كتابية مستكملة للشرائط المتقدمة وهو كتابي قبل الإسلام، فهي حل له باتفاق، وإن كان وثنياُ غير كتابي، وهي كتابية، فإنها تحل له عند الشافعية على الراجح.
وإذا أسلما معاً في آن واحد بأن انتهى كل واحد منهما بالنطق بالشهادتين في آن واحد بقيت الزوجية بينهما. سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده.
وإذا تزوجت غير المسلمة صغيراً من دينها فأسلم أبوه، وأسلمت هي مع أبيه، ففيه خلاف، فبعضهم يقول: إن النكاح بينها وبين زوجها الصغير يفسخ. وذلك لأن الصغير يحصل إسلامه تبعاً لإسلام والده فيكون عقبه. وقد قلنا أن إسلامها هي قد حصل مع إسلام الأب فيكون إسلامها متقدماً على إسلام زوجها قبل الدخول فتنجز الفرقة بينهما. ومثل ذلك ما إذا أسلمت عقب إسلام والده، لأن إسلام الزوجة في هذه الحالة متأخراً عن إسلام الصغير.
والحاصل أن المعية التي يتقرر بها النكاح يشترط فيها أن يسلما معاً في آن واحد بحيث لا يتقدم أحدهما الآخر شيئاً ما، وإسلام زوجة الصغير بهذه الصورة لم تتحقق به هذه المعية لأنها إما قبله أو بعده كما عرفت.
وبعضهم يقول: أنها إذا أسلمت مع والد الصغير فإن نكاحها يبقى، وذلك لأن ترتيب إسلام الصغير على إسلام أبيه لا يقتضي أن إسلام الأب متقدم على إسلام الابن بالزمان، بل الشارع قد جعل نطق الأب بالشهادتين إسلاماً له ولابنه الصغير في آن واحد، فإسلام الزوجة قارن إسلامهما معاً، نعم إن إسلام الأب متقدم على إسلام البن عقلاً، لأنه علة فيه والعلة متقدمة على المعلول عقلاً، ولكن التقدم العقلي لا عبرة به هنا. أما وجهة نظر الأول، فهو أن العلة وإن كانت مقارنة للمعلول في الزمان. ولكن الحكم بإسلام الابن لا يمكن إلا بعد إسلام الأب، فلا يقال للولد: إنه مسلم ما لم يحكم للأب بالإسلام، وكلاهما حسن، إلا أن الأول أظهر، لأن الغرض من هذه المسألة أن نحكم بأن إسلام الزوجة مقارن لإسلامهما معاً، ولا شك أن كلمة الشهادتين الحاصلة من الأب أغنت عنه وعن ابنه،

<<  <  ج: ص:  >  >>