واعلم أن الاختيار إما أن يكون اختياراً للنكاح. أو اختياراً للفسخ، والألفاظ الدالة على اختيار النكاح تنقسم إلى قسمين: ما يدل عليه صريحاً. وما يدل عليه كناية، فما يدل عليه صريحاً فهو ما يذكر فيه لفظ النكاح. كقوله: اخترت نكاحك، أو ثبت نكاحك، وما يدل عليه كناية هو ما لا يذكر فيه لفظ النكاح. كأن يقول لها: اخترتك، أو ثبتك، فإن هذا كناية عن اختيار نكاحها. وكما يكون اختيار النكاح باخترت. وثبت كذلك يكون بأمور: أحدها: أمسكت فإذا قال: أمسكتك فقد اختار نكاحها. ثانياً: ألفاظ الطلاق، سواء كان صريحاً. أو كناية. ومعنى كون الطلاق اختياراً للنكاح أنه إذا طلق واحدة منهن كان معنى ذلك الضمني أنه اختار نكاحها. إذ لولا ثبوت النكاح ما تحقق الطلاق، فكأنه قال: اخترت نكاحك وطلقتك. وعلى هذا إذا طلق الأربع المباحات له فقد اختار النصاب. وفسخ عقد الباقيات بحكم الشرع. فلا يبقى له منهن واحدة على ذمته. ثالثها: لفظ الفراق. ولكن لفظ الفراق لا يكون اختياراً للنكاح إلا إذا نوى به الطلاق. وذلك لأن لفظ الفراق مشترك بين الطلاق والفسخ. فإذا أريد منه الطلاق كان معناه أنه اختار نكاحها ثم طلقها، أما إذا أريد منه الفسخ كان معناه أنه فسخ ما لا ثبوت له، لأن الفسخ يرد على الفاسد من أول الأمر، ولا يصح الاختيار بالوطء، خلافاً للمالكية. والحنابلة، لأن الاختيار إما أن يكون في حكم ابتداء النكاح، فكأنه يريد العقد عليها الآن، وإما أن يكون في حكم استدامته، وكلاهما لا يتحقق بالفعل الذي يشبه التعاطي في البيع، بل لا بد فيهما من القول، فيلزمه أن يقول ما يدل على الاختيار حقيقة، كاخترت، أو ضمناً، كالطلاق، وكذا لا يصح الاختيار بالظهار. ولا بالإيلاء، خلافاً للمالكية، ووفاقاً للحنابلة، أما الحنفية فلهم تفصيل آخر سوى هذا، فارجع إليه لتعرف الفرق، فإنه شاسع. وهل الاختيار واجب فوراً. أو على التراخي؟ الظاهر أنه واجب فوراً ثم إذا حصر عدداً معيناً ليختار منه وطلب الإمهال ليعين يصح أن يمهل ثلاثة أيام ويجبر على التعيين، فإن تركه أجبر عليه بالحبس، فإن أصر عزر بالضرب. ويشترط أن يكون الزوج المختار بالغاً عاقلاً، وإلا وقف الأمر، فلا يصح الاختيار منه ولا من وليه، وفاقاً للحنابلة، وخلافاً للمالكية القائلين بصحة اختيار الولي. وتبتدئ عدة المفارقة من وقت إسلامها. أو إسلام الزوج إن كان متقدماً على إسلامها. لأن الإسلام هو سبب الفرقة. هذا، وإذا جمع بين الأم وبنتها ثم أسلم، فإن كان قد دخل عليهما معاً حرمتا عليه أبداً وفرق بينهما، وإن كان قد دخل بالأم فقط حرمتا عليه كذلك، وإن لم يدخل بواحدة منهما حرمت الأم دون البنت، وكذا إذا دخل بالبنت دون الأم فإن الأم تحرم دون البنت.