للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


المسلمين تكون صحيحة متى وافقت قواعد الإسلام، وإن كانوا كافرين، فلا خلاف بينهم وبين غيرهم على الصحيح، فلنرجع إلى ما كنا فيه.
فإن قلت: ماذا يترتب على خلاف المالكية في الحكم بصحة عقود نكاح الكافرين إن وافقت قواعد ديننا، والحكم بعدم صحتها مع أنهم يقولون: إنهم يقرون على أنكحتهم إذا أسلموا على التفصيل الآتي؟ والجواب: أن الذين يقولون بفساد أنكحتهم مطلقاً، ولو كانت موافقة لقواعد ديننا يترتب على قولهم أنه لا يجوز لمسلم أن يتولى عقد الكتابيين وغيرهم، ولو كانت مستوفية للشروط، مثلاً إذا طلب الكتابيان من مسلم أن يعقد لهما بشروط عقود المسلمين وأركانها لا يجوز له أن يفعل لأن الشروط لا تخرجها عن الفساد، والمسلم لا يجوز له أن يتولى الفاسد، أما الذين يقولون بالصحة فإنه يترتب على قولهم العكس، فيجوز للمسلم أن يعقد لهم متى كان العقد صحيحاً.
ثم إن المالكية يقولون: إن غير المسلمين يقرون على أنكحتهم إذا دخلوا الإسلام، سواء كانت صحيحة في نظرنا، أو فاسدة إلا في أمور: أحدها نكاح المحارم بنسب، أو رضاع، كما إذا تزوج المجوسي بنته. أو أخته ثم أسلم فإنه لا يقر على ذلك بحال، أما حرمة المصاهرة فإنها لا تحصل بينهم إلا بالوطء، مثلاً إذا تزوج امرأة ولم يطأها. ثم تزوج أمها ووطئها وأسلم أقر على أمها، لأنه وإن تزوج بنتها ولكنه لم يطئها، وكذا إذا تزوج امرأة لم يطأها، ثم أسلم وتركها. فإنها لا تحرم على أبيه. ولا على ابنه لما عرفت من أن الذي يوجب حرمة المصاهرة بينهم هو الوطء. ثانيها: أن يتزوجها وهي في عدة الغير ثم يسلم. أو يسلما معاً فإنه يفرق بينهما، سواء دخل بها. أو لم يدخل، فإذا أسلم قبل انقضاء العدة التي عقد عليها فيها ثم وطئها بعد الإسلام تأبد تحريمها عليه، فلا تحل له أبداً، أما إذا أسلم بعد انقضاء العدة ووطئها بعد الإسلام فإن تحريمها لا يتأبد عليه بل يفرق بينهما، وله أن يجدد عقده عليها بعد انقضاء العدة. ثالثها: أن يتزوجها لأجل، وهو نكاح المتعة، ويسلم قبل انقضاء الأجل، ويطلب هو أو هي استمرار العقد إلى نهاية الأجل، فإنهما لا يقران على ذلك لأن إقرارهما عليه بعد الإسلام إقرار لنكاح المتعة الممنوع باتفاق، نعم إذا طلبا الاستمرار على زواجهما بصفة دائمة فإنهما يقران على ذلك، فإذا أسلما بعد انقضاء الأجل وهما يعيشان عيشة الزوجية وطلبا إقرارهما، فإنهما يقران.
وبعد، فإن أسلم الزوج وتحته امرأة كتابية فإنه يبقى على زواجه معها، سواء أسلمت، أو لا. وسواء كان الزوج صغيراً، أو كبيراً. وأما إن أسلم وتحته زوجة مجوسية، فإنه إن كان بالغاً فرق بينهما إلا إذا أسلمت بعده بزمن قريب، وقدر بشهر على المعتمد، فإن أسلمت بعد هذا الزمان فإن إسلامها لا ينفع في بقاء زوجيتها، فإن أسلمت بعده بزمن أقل من شهر بقيت الزوجية قائمة بينهما وإن كان الزوج صغيراً وقف النكاح بينهما حتى يبلغ، فإن لم تسلم بعد بلوغه فرق بينهما.
هذا إذا أسلم الزوج، أما إذا أسلمت الزوجة فإنها لا تحل لزوجها مادام على دينه، سواء كان كتابياً أو وثنياً. ولكن لا تبين منه إلا بعد أن يمضي زمن استبرائها منه بالحيض إن كانت مدخولاً بها،

<<  <  ج: ص:  >  >>