للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-هذا، ولا فرق بين هذه الأحكام بين أن يكون العقد قد وقع في بلاد الإسلام بين ذميين. أو مستأمنين، أو وقع في دار الحرب ثم هاجر الزوجان. أو هاجر أحدهما إلى بلاد الإسلام فإنهما يتركان على ما هما عليه، ويقران عليها إذا ترافعا إلينا، أو أسلما بالتفصيل المتقدم.


وإذا أسلم الزوجان معاً بأن نطقا بالشهادتين دفعة واحدة بقي النكاح قائماً بينهما، سواء كانا كتابيين، أو وثنيين. أما إذا أسلمت الزوجة وحدها، فإن كان ذلك قبل الدخول بها بطل النكاح، سواء كان زوجها كتابياً. أو لا، ولا مهر لها لأن الفرقة جاءت من قبلها، فإذا أسلم زوجها وهي في العدة بقي النكاح بينهما. أما إذا أسلم بعد انقضاء عدتها فإن النكاح يفسخ، ولها نفقة العدة إن أسلمت قبله، سواء أسلم الزوج، أو لم يسلم. وإذا أسلم الزوج وحده، فإن كانت الزوجة كتابية استمر النكاح بينهما على ما هو عليه، سواء أسلمت، أو لم تسلم. وسواء كان ذلك قبل الدخول، أو بعده، أما إن كانت غير كتابية وكان ذلك قبل الدخول فإنها تبين منه في الحال، ولها نصف المهر لأن الفرقة من جهته، فإن كان بعد الدخول وجب عليها أن تعتد منه، فإذا أسلمت قبل انقضاء العدة استمر النكاح بينهما على ما هو عليه، وإذا أسلمت بعد انقضاء العدة، فسخ النكاح كما ذكرنا في إسلامه.
قال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبل الرجل، فأيهما أسلم قبل انقضاء العدة فهي امرأته، فإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما.
وإذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع زوجات فأسلمن معه. أو أسلمن قبله. أو بعده في عدتهن. أو لم يسلمن، وكن كتابيات، كان له الحق في أن يختار منهن أربعاً فقط ويسرح الباقيات، لا فرق بين أن يختار الأوائل أو الأواخر، سواء عقد عليهن عقداً واحداً. أو عقوداً متعددة، وله أن لا يختار منهن شيئاً، وله أن يختار أربع زوجات ميتات ويسرح الأحياء جميعهن ليرث منهن، كما يقول المالكية، وبشرط أن يكون مكلفاً، فإن كان غير مكلف وقف أمر النساء حتى يكلف، وإذا امتنع عن الاختيار أجبر عليه بالحبس والتعزير، وعليه نفقتهن جميعاً إلى أن يختار، والاختيار يكون بأشياء: منها اخترت هؤلاء، وتركت هؤلاء، ولا يلزم أن يكون بلفظ اخترت، بل يصح أن يكون بلفظ أمسكت، إذا قال: أمسكت هؤلاء، وتركت هؤلاء فإنه يصح، وكذا إذا قال: اخترت هذه للفسخ، وهذه للإمساك، فإنه يصح، لأن الاختيار كما يكون للإمساك يكون للفسخ، ويصح أيضاً أن يقول: اخترت هذه. ومنها الوطء، فإذا وطئ بعد الإسلام واحدة منهن كان مختاراً لها زوجة، فإذا وطئ أربعاً بقيت الزوجية بينه وبينهن وفسخت في الباقيات، وإن وطئ الجميع قبل أن يعين الأربع بالقول، بقيت الموطوءات أولاً للإمساك، وبقيت الموطوءات بعد أربع للترك. ومنها الطلاق، فإن طلق واحدة منهن كانت مختارة وحسبت عليه، لأن الطلاق لا يقع إلا إذا ثبتت الزوجية، فيكون قد بقي له ثلاثة، وظاهر أن الحنابلة يوافقون المالكية في هذه الصورة والصورة التي قبلها، ولكنهم يخالفون في الظهار والإيلاء فيقولون: إنه لا يصح الاختيار بالظهار ولا بالإيلاء.
وإذا أسلم وتحته أختان كان له الحق في اختيار واحدة منهن بالكيفية السابقة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>