للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجواب عن المسألة الثانية، ففيه تفصيل المذاهب (١) .


(١) (الحنفية - قالوا: لبن الرجل الذي يثبت به أبوته للرضيع يشترط فيه أن ينزل لزوجته بعد حملها وولادتها منه، فإذا تزوج رجل بامرأة ولم تلد منه قط ثم نزل لها لبن فأرضعت صبياً كان الصبي ابناً للمرأة بخصوصها، فيحرم عليه أن يتزوج أصولها وفروعها ومحارمها، ولا فرق في ذلك بين أن يكون اللبن قد نزل لها وهي بكر أو نزل لها بعد أن وطئها، وإذا حملت ولم تلد لم يكف الحمل في ثبوت اللبن للرجل بل لابد من الولادة، خلافاً للشافعية أما الرجل فلا يكون أباه فله أن يتزوج أصوله وفروعه من غير هذه المرضعة، وإذا طلق رجل زوجته ولها لبن منه ثم تزوجت برجل آخر بعد ما انقضت عدتها ووطئها الثاني، وجاءت منه بولد مع استمرار اللبن الأول فإن اللبن يصير للزوج الثاني بلا خلاف، بحيث لو أرضعت طفلاً يكون للثاني، أما إذا لم تحمل من الثاني فاللبن يكون للأول بلا خلاف، وإذا حملت من الثاني ولكنها لم تلد منه واستمر اللبن الأول وأرضعت منه طفلاً، فالصحيح أنه يكون ابن الأول حتى تلد من الثاني، وإذا تزوج الرجل امرأة فولدت منه ولداً فأرضعته ثم يبس اللبن وانقطع، ثم در لها لبن بعد ذلك فأرضعت به صبياً أجنبياً لم يكن هذا الصبي ابناً لزوج المرضعة، لأن لبنه قد انقطع، ولهذا الصبي أن يتزوج أولاد هذا الرجل من غير المرضعة، وعلى هذا إذا طلقها وانقطع من ثديها ثم تزوجت بآخر ونزل لها اللبن قبل أن تحمل منه كان اللبن للثاني.
الشافعية - قالوا: يشترط في ثبوت الأبوة باللبن أن يكون الولد الذي نزل بسببه اللبن ثبت نسبه من الرجل، فلو ولد لرجل ولد ونزل لزوجته لبن بسبب هذه الولادة ثم نفاه، وقال: إنه ليس ابناً لي، ولم يثبت نسبه منه وأرضعت زوجته طفلاً من هذا اللبن لم يكن الطفل ابناً لذلك الرجل، فلا حرمة بينهما، فإذا استحلفه ثانياً، وقال: إنه ابني عادت الحرمة بينه وبين الرضيع، وبهذا تعلم أن لبن الزنا لا قيمة له لأن ولد الزنا لا يثبت نسبه.
وإذا تزوجت امرأة رجلاً وجاءت منه بولد نزل لها لبن بسببه ثم طلقها وتزوجت آخر فإن لبن الأول يستمر بحيث لو رضع منها طفل كان ابناً من الرضاع للأول ما لم تلد من الثاني، فإذا ولدت انقطع لبن الأول وصار اللبن للثاني، وهذا بخلاف ما إذا نزل اللبن للبكر ثم تزوجت واستمر لبنها، فإنه يكون لها دون زوجها حتى تحمل منه، فإذا حملت صار اللبن لهما وإن لم تلد، والفرق بين الصورتين ظاهر، فالبن في الأولى نزل بسبب ولادة الزوج الأول فكان له بخصوصه ولا ينقطع إلا بولادة الثاني، أما في الثانية فإنه نزل للبكر من غير زوج فكان أضعف من الأول.
ومن هذا يتضح أن اللبن لا ينقطع نسبته عن الأول إلا بالولادة من غيره، ولو طالت المدة أو انقطع اللبن وعاد ثانياً، خلافاً للحنفية في هذا وما قبله.
المالكية - قالوا: يثبت اللبن للرجل بشرطين:
الأول: أن يطأ زوجته. الثاني: أن ينزل، فلو عقد عليها، أو وطئها ولم ينزل، وكان بها لبن فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>