للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الشافعية - قالوا: طلاق المكره لا يقع بشروط: أحدها أن يهدده بالإيذاء شخص قادر على تنفيذ ما هدده به عاجلاً، كأن كانت عليه ولاية وسلطة، فإذا لم يكن كذلك وطلق على تهديده لزمه الطلاق، فلو قال له: إن لم تطلق أضربك غداً، فطلق لزمه اليمين، لأن الإيذاء لم يكن عاجلاً.
ثانيها: أن يعجز المكره عن دفعه بهرب أو استغاثة بمن يقدر على دفع الإيذاء عنه.
ثالثها: أن يظن المكره أنه إن امتنع عن طلاق يلحقه الإيذاء الذي هدد به. أن لا يكون الإكراه بحق، فإذا أكره على الطلاق بحق فإنه يقع، وذلك كما إذا كان متزوجاً باثنتين ولواحدة منهما حق قسم عنده وطلقها قبل أن تأخذ حقها ثم تزوج أختها وخاصمته في حقها فأكرهه الحاكم على تطليق أختها حتى يوفيها حقها فإن الطلاق يصح، لأنه بحق، ومثل ذلك ما إذا حلف لا يقرب زوجته أربعة أشهر وانقضت من غير أن يعود إليها وامتنع عن الوعد بالعودة فإنه يجبر على الطلاق. وهو إكراه بحق فيقع.
خامساً: أن لا يظهر من المكره نوع اختيار، وذلك كما إذا أكره على أن يطلقها ثلاثاً. أو طلاقاً بائناً فطلقها واحدة. أو اثنتين. أو رجعية، فإن الطلاق يقع، لأن القرينة دلت على أنه مختار في الجملة، فالشرط أن يفعل ما أكره عليه فقط، خلافاً للمالكية.
سادسها: أن لا ينوي الطلاق، إن نواه في قلبه وقع، أما التورية فإنها غير لازمة ولو كان يعرف التورية.
هذا، ويحصل الإكراه بالتخويف بالمحذور في نظر المكره، كالتهديد بالضرب الشديد أو بالحبس أو إتلاف المال، وتختلف الشدة باختلاف طبقات الناس وأحوالهم، فالوجيه الذي يهدد بالتشهير به والاستهزاء به أمام الملأ يعتبر ذلك في حقه إكراهاً، والشتم في حق رجل ذي مروءة إكراه، ومثل ذلك التهديد بقتل الولد، أو الفجور به، أو الزنا بامرأته. إذ لا شك في أنه إيذاء يلحقه أشد من الضرب والشتم، ومثل ذلك التهديد بقتل أبيه، أو أحد عصبته، وإن علا أو سفل. أو إيذاؤه بجرح، وكذلك التهديد بقتل قريب من ذوي أرحامه. أو جرحه. أو فجور به، فإنه يعتبر إكراهاً.
هذا، والإكراه الشرعي كغيره لا يلزم به الطلاق، فلو حلف ليطأن زوجته الليلة فوجدها حائضاً، فإنه لا يحنث، وكذا لو حلف ليقضين زيداً حقه في هذا الشهر فعجز، فإنه لا يحنث، كما ذكرناه مفصلاً في الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>