للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


البدعي، وهذا بخلاف ما إذا كتب إليها إذا وصلك كتابي فأنت طالق، بإبدال لفظ "إن" بلفظ "إذا" فإن في ذلك خلافاً، فبعضهم يقول: إن تحتمل الشرط وتحتمل الظرفية، فتطلق بمجرد كتابته بخلاف إذا، فإنها لمجرد الشرط فلا تطلق إلا إذا وصل إليها، وبعضهم يقول لا فرق بين "إذا" و "إن" فلا تطلق إلا إذا وصل إليها الكتاب في الحالتين.
الشافعية - قالوا: الإشارة لا يقع بها الطلاق من القادر على الكلام بأي وجه وعلى أي حال، كما لا يقع بالنية ولا بالكلام النفسي، بل لا بد من التلفظ به ولا بد من أن يسمع به نفسه في حالة الاعتدال، فلو فرض وتكلم به وكان سمعه ثقيلاً، أو كان بحضرته لغط كثير، فلا بد من أن يرفع به صوته بحيث لو كان معتدل السمع لسمع بهذا الصوت، فلا يقع بتحريك اللسان من غير أن يسمع نفسه، فإذا قالت له المرأة: طلقني، فأشار إليها بأصابعه الثلاثة أو أشار إليها بيده أن اذهبي، أو قطع خيطاً بيده، أو نحو ذلك فإنه لا يعتبر وذلك لأن عدوله عن اللفظ إلى الإشارة يفهم منه أنه غير قاصد الطلاق، فلا يعتبر حتى ولو قصد بها الطلاق، وذلك لأنها لا تقصد للإبهام إلا نادراً، فلا تعتبر إلا في ثلاثة أمور، وإحداها: الإفتاء، فإذا قيل للعالم: أيحل أكل الأرنب؟ فأشار برأسه نعم، فإنها تكون فتوى يصح نقلها عنه، وهكذا.
ثانيها: الإذن بالدخول، فلو استأذنت أن تدخل داراً فأذنك سيدها بإشارته فإنها تصح.
ثالثها: أمان الحربي، فإذا أمنه بإشارته لزم الأمان.
أما إشارة الأخرس فإنها تعتبر في الطلاق وغيره من العقود، سواء كان خرسه عارضاً أو ولد وهو أخرس، إلا إذا اعتقل لسانه وكان يرجى برؤه بعد ثلاثة أيام، فإنه يجب أن ينتظر حتى يبرأ ولا يعمل بإشارته إلا للضرورة، كما إذا كان الحاكم قضى باللعان بينه وبين امرأته وقت خرسه، فإن اللعان يصح بإشارته، بشرط أن تكون مفهومة، ثم إن كانت واضحة بحيث يفهمها كل أحد كانت بمنزلة اللفظ الصريح، وإن كانت دقيقة لا يفهمها إلا النبهاء كانت بمنزلة الكتابة، أما إذا لم يفهمها أحد فإنها لا يعتد بها أصلاً.
هذا، ويعمل بإشارة الأخرس المفهومة ولو كان يعرف الكتابة، وبعضهم يقول: إذا كان يعرف الكتابة فإنه يمكنه أن يدل على غرضه بالكتابة من غير ضرورة للإشارة، ولكن هذا وإن كان حسناً، لكنه يدل على أن إشارته تلغى إذا كان يعرف الكتابة، فلو تعاقد على بيع، أو طلق بالإشارة فإنها تعتبر حتماً، ولكن الأولى أن يعزز غرضه بالكتابة، فمثل الإشارة من الأخرس الذي يعرف الكتابة كالعبارة من القادر الذي يعرفها إذ المفروض في الإشارة أنها مفهومة كاللفظ، وبذلك تعلم أن ما نقله الحنفية عن بعض الشافعية بأن إشارة الأخرس الذي يعرف الكتابة لا تعتبر، غير ظاهر.
هذا، وتهمل إشارة الأخرس المفهومة في ثلاثة مواضع: الأول الصلاة، فإذا كان يصلي وأشار إشارة مفهومة فإن صلاته لا تبطل بها. الثاني: الشهادة، فإذا شهد على شخص بإشارة مفهومة فإنها

<<  <  ج: ص:  >  >>