للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ولو قال لها: عليك الطلاق، فإنه يقع إذا نوى به الطلاق، ولو قال لها: طلاقي عليك واجب وقع بدون نية، ومثل ذلك ما إذا قال لها: الطلاق عليك واجب، أو لازم، أو فرض. أو ثابت فبه خلاف، فبعضهم يقول: إنه يقع به واحدة رجعية نوى أو لم ينو، وبعضهم يقول: لا يقع به شيء، ومنهم من يقول: يقع في قوله: واجب بدون نية، وفي قوله: لازم لا يقع، وصحح بعضهم الوقوع في الكل.
المالكية - قالوا: الطلاق الصريح تنحصر ألفاظه في أربعة، أحدها: طلقت. ثانيها: أنا طالق منك. ثالثها: أنت طالق، أو مطلقة مني - بتشديد اللام - رابعها: الطلاق لي لازم. أو علي لازم. أو مني. أو لك. أو عليك لازم، أو نحو ذلك، فهذه الأربعة هي الصريح، ويلزم بكل لفظة من هذه الألفاظ الأربعة طلقة واحدة إن لم ينو شيئاً، وأما إذا نوى بها اثنتين أو ثلاثاً فإنه يلزمه ما نواه، خلافاً للحنفية الذين يقولون إن الصريح لا نية فيه، فلو نوى به أكثر من واحدة فلا يلزمه إلا واحدة. ثم إن الصريح الذي وقعت به واحدة إن كان قبل الدخول أو كان في نظير عوض - وهو الخلع - فإنه يكون بائناً، وإلا فإنه يكون رجعياً، فالبائن عند المالكية الخلع، والطلاق قبل الدخول، والطلاق البات، سواء كان ثلاثاً، كما إذا كان بلفظ ثلاث. أو كان بالكنايات الظاهرة التي سيأتي بيانها أو حكم به حاكم، كما سيأتي في شروط الرجعة، والرجعي بخلافه.
هذا وإذا قال لها: أنت منطلقة أو مطلقة - بفتح اللام مخففة - فإن نوى بها الطلاق وقع، كما في الكنايات الخفية الآتي ذكرها، وإن لم ينو فلا يقع بها شيء، لأن العرف لم يعتبرها طلاقاً.
الشافعية - قالوا: ينقسم الطلاق إلى قسمين: صريح بنفسه وصريح بغيره، فأما الأول - وهو الصريح بنفسه - فما كان مأخوذاً من مادة الطلاق أو مأخوذاً من مادة السراح، كقوله: سرحتك. أو مأخوذاً من مادة الفراق، كقوله: فارقتك. فما كان مأخوذاً من مادة الطلاق فهو كقوله: أنت طالق، وطلقتك ومطلقة - بتشديد اللام - فإن خفف اللام كان كناية، وهذا بخلاف لفظ الطلاق نفسه، فإنه تارة يقع مبتدأ، كأن يقول لها عليّ الطلاق لأفعلن، فالطلاق مبتدأ، وعليّ خبره وهو صريح، وقال جماعة: إنه كناية لا يقع به طلاق إلا بالنية، والأول أرجح ومثله ما إذا قال لها: طلاقك واجب علي. أو لازم لا أفعل كذا، فإنه يكون صريحاً، أما إذا قال لها: طلاقك فرض علي فإنه يكون كناية على الأرجح، وذلك لأن الفرض قد اشتهر استعماله في العبادة، فيحتمل أنه أراد ذلك خطأ لأن الطلاق ليس عبادة، بخلاف الواجب فإنه يستعمل بمعنى الثابت اللازم، وتارة يقع مفعولاً، كأن يقول لها: أوقعت عليك الطلاق، أو يقع فاعلاً كقوله: يلزمني الطلاق، وهو صريح في الحالتين، وما عدا ذلك يكون كناية، كما لو أقسم به كأن يقول: والطلاق لا أفعل، فإنه يكون كناية باتفاق، وإذا ذكر الطلاق بحروف مصحفة، كأن قال لها: أنت تالق فلا يخلو إما أن يكون النطق بمثل هذا لغة له أو لا، فإن كان لغته فإنه يكون صريحاً، وإن لم يكن لغته، بأن كان ينطق بطالق وجرت على لسانه تالق، أو تعمد النطق بها، فإنه يكون كناية، وهذا هو المعتمد عندهم.
والحاصل أن الصريح بنفسه عندهم ما اجتمع فيه أمران: الأول أن يرد ذكره في القرآن مكرراً،

<<  <  ج: ص:  >  >>