للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


يستعمله في إنشاء الطلاق، وهو ثرثرة ألفاظ: منطلقة، مطلوقة، مطلقة بفتح اللام مخففة - وقسم يحتمل الدلالة على الطلاق مع بعد نحو اذهبي، انصرفي، لم أتزوجك، أنت حرة، الحقي بأهلك، ومثل ذلك ما إذا سأله شخص، هل لك امرأة، فقال: لا، أو قال لها: لست لي بامرأة من غير تعليق على شيء، أما إذا قال لها: إن دخلت الدار فلست لي بامرأة، فإن لم ينو به شيئاً. أو نوى الطلاق بدون عدد، فإنه يلزمه ثلاث، وإن نوى غير الطلاق فإنه يصدق بيمينه قضاء، ويصدق بدون يمين في الإفتاء. والقسم الثالث: أن يكون بين اللفظ وبين الطلاق علاقة ما، نحو كلي واشربي، وادخلي، واسقني الماء، وغير ذلك من الألفاظ التي يقصد بها تطليق زوجته. وليست من الطلاق الصريح. ولا الكناية الظاهرة الآتي بيانها.
وقد اعترض بعض المحققين على هذا بأن الكناية استعمال اللفظ في لازم ما وضع له، والطلاق ليس لازماً لمثل هذه الألفاظ، فكيف تسمى مستعملة في الطلاق؟! والجواب: أن الكلام هنا في اصطلاح الفقهاء، وما ذكره اصطلاح البيانيين، ولا مشاحة في الاصطلاح، وحكم الكناية الخفية يتبع النية، فإن لم تكن له نية أصلاً. أو نوى عدم الطلاق فإنه لا يلزمه بها شيء وإن نوى الطلاق لزمه، ثم إذا نوى واحدة لزمه واحدة، وإن نوى أكثر لزمه الأكثر، فلو قال لامرأته: ادخلي الدار ونوى به ثلاث طلقت منه ثلاثاً، فالمدار فيها على النية، واختلف فيما إذا نوى بها الطلاق ولكنه لم ينو عدداً، فقال بعضهم: إنه يلزمه الثلاث، ولكنهم اعترضوا على هذا بأن الطلاق الصريح إذا لم ينو به عدداً لا يلزمه إلى واحدة، فكيف تلزمه الثلاث بالكناية الخفية؟! وأجيب بالفرق بين الحالتين، وذلك لأن عدوله عن الصريح أوجب ريبة عنده في ذلك فعومل بالثلاث احتياطاً، ولا فرق في ذلك بين المدخول بها، وغيرها. وبعضهم قال: إنه لا يجب به إلا طلقة واحدة بائنة في غير المدخول بها، ورجعية في المدخول بها، أما الكناية الظاهرة فإنها تنقسم إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: ما يلزم فيه الطلاق الثلاث، سواء كانت الزوجة مدخولاً بها أو لا بدون نظر إلى نية، وهو لفظان: أحدهما أن يقول لها: أنت بتة، فإذا قال لها هذه الكلمة طلقت منه ثلاثاً سواء قال: إنه نوى الطلاق أو لا، وسواء قال إنه نوى واحدة أو أكثر، وذلك لأن البت معناه القطع، فكأنه قطع عقدة النكاح التي بينهما بتاتاً. ثانيهما: أن يقول لها: حبلك على غاربك فهذا كناية عن أنه ألقى عصمتها من يده على كتفها، فلا شأن له بها فيقع عليه الطلاق الثلاث.
وسيأتي أن هذين إنما يقع بهما الثلاث إذ كان العرف جارياً على أن يطلق الرجل بهما، وإلا كانت من الكنايات الخفية التي تقدم حكمها.
القسم الثاني: ما يلزم فيه الطلاق الثلاث إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، أما إن كانت غير مدخول بها فإنه يلزمه فيه طلقة واحدة إن لم ينو أكثر، وهو ثلاثة أمور: الأول أن يقول لها: أنت طالق واحدة بائنة، فإذا قال لها ذلك، وكانت مدخولاً بها، وقع عليه الطلاق الثلاث وذلك لأن البينونة بغير عوض وبغير لفظ الخلع بعد الدخول تنحصر في البينونة الكبرى، وهي الطلاق الثلاث أما إذا كانت قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>