للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أن تقرب منه وكان بينهما فرجة، وقال لها: أنت بائنة مني، أي منفصلة عن ملاصقتي، أو نحو ذلك وهذا ما يسميه المالكية بساط اليمين، فإذا دل البساط على أنه لا يريد الطلاق فإنه يقبل منه في المدخول بها وغيرها.
هذا ويشترط في وقوع الطلاق بهذه الألفاظ كلها أن يكون العرف جارياً على أن يطلق الناس بها، أما إذا كانوا لا يطلقون بهذه العبارات، فإنها لا تكون كناية ظاهرة، بل تكون من الكنايات الخفية التي لا يقع بها شيء إلا بالنية، ومثل هذه الألفاظ حبلك على غاربك التي يقع بها الثلاث في المدخول بها وغيرها فإنه إذا لم يكن عرف الناس جارياً على التطليق بها، كما في زماننا، لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فإذا نوى واحدة لزمته، وهكذا كما تقدم. وقد قال المحققون من المالكية: لا يحل للمفتي أن يفتي في الطلاق وغيره من الأحكام المبنية على العوائد والعرف، كالمنافع في الإجارة، والوصايا والنذر، والأيمان، إلا بعد أن يعلم عرف أهل البلد أو القبيلة في ذلك الأمر.
وبهذا تعلم أن معظم الكنايات الظاهرة التي قال المالكية إنه يقع الثلاث في المدخول بها بدون نظر إلى نية هي من الكنايات الخفية في زماننا لأنه لم يطلق بها أحد.
القسم الرابع: ما يلزم به الطلاق الثلاث إلا إذا نوى أقل منها في المدخول بها وغيرها وهي أن يقول لها: خليت سبيلك فإذا قال لامرأته ذلك فإنه يلزمه الثلاث إن نوى الثلاث، أو لم ينو شيئاً، أما إذا نوى واحدة، أو اثنتين فإنه يلزمه ما نواه، سواء دخل بها، أو لم يدخل فإذا نوى بقوله: خليت سبيلك طلقة واحدة بائنة في المدخول بها لزمه الثلاث، وإن لم ينو الثلاث، لما عرفت من أن الواحدة البائنة يلزم بها الثلاث، فكذا ما يعبر به عنها، أما في غير المدخول بها فإنه يلزمه واحدة، كما تقدم.
القسم الخامس: ما يلزم فيه واحدة في المدخول بها وغيرها إلا إذا نوى أكثر، وهو اعتدي، وفارقتك.
هذا، ومن الكنايات الظاهرة التي يلزم فيها الثلاث أنت خالصة، أو لست لي على ذمة. وأما عليه السخام فيلزم فيه واحدة إلا أن ينوي أكثر، أما نحو عليه الطلاق من فرسه، ومن ذراعه فإنه لا يلزم فيه شيء، وبعضهم يقول: إن قوله أنت خالصة أو لست لي على ذمة، يقع به واحدة بائنة.
الشافعية - قالوا: ألفاظ الكنايات كلها يقع بها الطلاق الذي ينويه الزوج، فإذا لم ينو طلاقاً لا يلزمه شيء، وإذا نوى بها أكثر من واحدة وقع ما نواه، ولو قيدها بواحدة كأن قال لها: أنت واحدة، ونوى بذلك تطليقها ثنتين، أو ثلاث، كما تقدم في الصريح، فإن الرجل يعامل في الطلاق بنيته، لأن الشارع جعل عدد الطلاق منحصراً في ثلاث، فما نواه منها يكون في حكم الملفوظ، فهو داخل في اللفظ حكماً، والتقيد بواحدة لا يمنع من دخول المنوي في اللفظ بحيث لا يجعل واحدة صفة لمصدر محذوف تقديره أنت طالق طلقة واحدة. فلا يحتمل الاثنتين، أو الثلاث وإنما يجعل حالاً من المرأة فكأنه قال لها: أنت طالق حال كونك واحدة، أو منفردة عن الزوج، وتجعل نيته أكثر من واحدة قرينة على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>