فإن قلتم: إن الطلاق الواقع في اليوم لا يكون واقعاً في الأمس فيلزم طلاقان، طلاق في اليوم وطلاق في الأمس. قلنا: إنه على هذا التأويل لا يكون فرق بين أنت طالق أمس واليوم، وبين أنت طالق اليوم وأمس لأن كلاً منهما يقال فيه: إن الواقع اليوم غير الواقع بالأمس على أن الإشكال لا يزال باقياً بالنسبة للبدء بالأمس فإنه بدء بالحاضر ومقتضاه عدم تعدد الطلاق فالحق أنه إذا قال لها: أنت طالق أمس واليوم يقع به طلقة واحدة لأن التي تطلق بالأمس تطلق اليوم وإذا قال لها: أنت طالق اليوم والأمس تطلق ثنتان فكأنه قال: أنت طالق واحدة اليوم قبلها واحدة أمس أما القاعدة المذكورة فإنها بالنسبة للحاضر والمستقبل كاليوم والغد فإذا أضاف الطلاق إلى زمن مبهم في الماضي كما إذا قال لها: أنت طالق قبل أن أخلق أو قبل أن تخلقي، أو طلقتك وأنا صبي فإنه يلغو ولا يقع به شيء. كذا إذا قال لها: طلقتك وأنا نائم، أو طلقتك وأنا مجنون فإنه يلغو ولا يقع به شيء، لأن معناه إنكار طلاقها إذ لا طلاق لهؤلاء. وكذا إذا قال: أنت طالق مع موتي، أو مع موتك فإنه يلغو ولا يقع به شيء، لأنه نسب الطلاق إلى زمن لا تكون المرأة محلاً فيه للطلاق ولا يكون هو أهلاً. وإذا قال لها: أنت طالق قبل موتي بشهرين، أو أكثر، فإذا مات قبل مضي شهرين من وقت الحلف فإنها لا تطلق، لأنه قد اشترط لوقوع الطلاق مضي شهرين قبل موته، وهو قد مات قبل تحقق الشرط فلا يقع. أما إذا مات بعد مضي شهرين، ففي المسألة خلاف، فأبو حنيفة يقول: إنها تطلق منه، ولكن لا يقتصر الوقوع على الموت، فلا يثبت الطلاق عند الموت فقط، بل الوقوع مستند إلى المدة التي عينها قبل الموت، فالحكم بالطلاق وإن كان عند الموت ولكن مستند إلى أول المدة التي عينها من وقت الحلف فالاستناد في اصطلاح الأصوليين هو ثبوت الحكم في الحال مستنداً إلى ما قبله بشرط بقاء المحل كل المدة. ونظير ذلك الزكاة في النصاب فإن النصاب تجب فيه الزكاة عند الحول. ولكن الوجوب عند الحول مستند إلى وجوده من أول الحول فثبوت الحكم وهو وجوب الزكاة في النصاب مستند إلى مضي الزمن بحيث لو لم يمض عليه حول فإنه لا يجب فيه الزكاة، أما صاحباه فإنهما يقولان أنها تطلق طلاقاً