للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وقوع الطلاق فوراً بهذا، وهو ضعيف. والمعتمد أنه لا يقع به شيء إن كان جازماً بالفعل، بحيث أنه حلف وهو جازم بأنه لو جاءه حقيقة لأطعمه، أما إن كان كاذباً فيما يقول: فإن طلاقه يقع.
وإذا علقه على فعل ماض واجب فإنه لا يحنث، سواء كان واجباً عقلاً، أو شرعاً، أو عادة، فمثال الأول أن يقول: عليه الطلاق لو جاءه أمس لم يجمع بين وجوده وعدمه، ومثال الثاني أن يقول: لو كنت غير نائم أمس لصليت الظهر، ومثال الثالث أن يقول: لو رأيت أسداً أمس لفررت منه فإن الفرار من الأسد واجب عادة. وإذا علق على فعل مستقبل ممتنع عقلاً، أو عادة، أو شرعاً فإنه لا يحنث، مثال الأول أن يقول لها: أنت طالق إن جمعت بين الضدين، ومثال الثاني أن يقول لها أنت طالق إن لمست السماء ومثال الثالث أن يقول لها: إن زنيت فأنت طالق، لأنه علق الطلاق على الزنا في المستقبل، وهو ممتنع شرعاً، وهذا بخلاف ما إذا قال لها إن لم أجمع بين الضدين فأنت طالق، أو إن لم ألمس السماء فأنت طالق، أو إن لم تزن فأنت طالق، فإن الطلاق يقع منجزاً في الحال ويقع للصيغة الأولى: صيغة بر، وللثانية صيغة حنث.
هذا وقد تقدم ما يوضح ذلك في كتاب الإيمان. أول الجزء الثاني.
الشافعية - قالوا: إذا أضاف الطلاق إلى الزمان المستقبل فإنه يقع عند أول جزء من ذلك الزمان. فإذا كان في شهر شعبان مثلاً. وقال: أنت طالق في شهر رمضان طلقت منه في أول جزء من ليلة أول يوم في رمضان. فإذا كان أول رمضان يوم الخميس تطلق بغروب شمس يوم الأربعاء الذي قبله. ولو رأى الهلال قبل غروب الشمس، ومثل ما إذا قال لها: أنت طالق في غرته أو أوله، أو رأسه. أما إذا قال لها: أنت طالق في نهار شهر شعبان، أو في أول يوم منه فإنه تطلق في فجر أول يوم منه، وإذا قال لها: أنت طالق في آخره تطلق في آخر جزء من أيامه.
هذا إذا كان في شهر شعبان، فإن قال لها: أنت طالق في رمضان بعد أن مضى خمسة أيام من رمضان مثلاً، فإنها تطلق في أول جزء من رمضان في السنة الآتية، وبعضهم يقول: بل تطلق منه في الحال، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق شهر رمضان، أو شعبان، فإنه يقع حالاً، سواء كان في الشهر الذي عينه أو لا، وإذا قال لها، وهو في الليل: أنت طالق إذا مضى يوم تطلق بغروب شمس الغد، وإذا قال لها ذلك، وهو في النهار تطلق بغروب شمس اليوم التالي، أما إذا قال لها: إذا مضى اليوم فأنت طالق، وكان في أول اليوم نهاراً، فإنها تطلق بغروب شمس ذلك اليوم، أما إذا قال لها: أنت طالق بمضي ذلك اليوم، وهو في الليل، فإنه يكون لغواً، ولا يقع به شيء، لأنه لم يكن في اليوم، بل كان في الليل، فلا معنى لقوله: أنت طالق اليوم، وهذا بخلاف ما لو قال لها: أنت طالق اليوم، فإنه يقع حالاً، سواء كان في الليل، أو في النهار. وذلك لأنه أوقع الطلاق في الوقت الذي هو فيه، وتسميته نهاراً وهو في الليل لا تؤثر في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>