للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وقد تقدم تعليل ذلك في مبحث - إذا اشترط في النكاح شرطاً - من هذا الجزء فارجع إليه.
المالكية - قالوا: للزوج أن ينيب عن الزوجة أو غيرها في الطلاق، وتنقسم النيابة في الطلاق إلى قسمين:
الأول: رسالة، وهي أن يرسل الزوج إلى امرأته رسولاً يعلمها بالطلاق، فالرسول لم يجعل له الزوج إنشاء الطلاق، وإنما جعل له إعلام الزوجة بثبوت الطلاق بعبارة الزوج نفسه فليس للرسول سوى نقل عبارة الزوج للزوجة لإعلامها بثبوت الطلاق، فنيابة الرسول نيابة بإعلام الزوجة بثبوت الطلاق، فحقيقة الرسالة هي أن يقول الزوج للرسول: بلغ زوجتي أني قد طلقتها، وفي هذه الحالة لا يتوقف طلاقها على تبليغها الرسالة، وقد تطلق الرسالة مجازاً، على ما إذا قال لشخص: طلق زوجتي.
القسم الثاني: تفويض الطلاق، وهو ثلاثة أنواع: توكيل، وتخيير، وتمليك، والفرق بين الأمور الثلاثة أن التوكيل هو جعل إنشاء الطرق للزوجة أو لغيرها مه بقاء حقه في المنع من الطلاق، ومعنى ذلك أن التوكيل لا يسلب حق الموكل في عزل الوكيل أو رجوعه عن توكيله قبل تمام الأمر الذي وكله فيه، فلو وكلها في تطليق نفسها ففعلت وقع الطلاق وليس له حق الرجوع حينئذ لأنها أتمت الفعل الذي وكلها فيه، إنما له الرجوع والعزل قبل أن تطلق نفسها.
والحاصل أن التوكيل ليس فيه جعل إنشاء الطلاق حقاً للوكيل، وإنما فيه جعل إنشاء الطلاق للوكيل نيابة عن الموكل، فللموكل عزله عن هذا متى شاء على أنه إذا وكلها بالطلاق مع تعلق حق لها به زائد على التوكيل فإنه لا يملك عزلها، مثال ذلك أن يقول لها: إن تزوجت عليك فقد جعلت أمرك بيدك وأمر من أتزوجها بيدك توكيلاً عني، ففي هذه الحالة لا يملك عزلها من التوكيل ولا عزله لأن لها حقاً فيه وهو دفع الضرر عنها، وإذا وكل الزوج عنه أجنبياً على أن يفوض للزوجة أمرها بأن قال له: وكلتك على أن تفوض لزوجتي أمرها تخييراً أو تمليكاً، أو قال له: وكلتك على أن تخير زوجتي أو تملكها أمرها، فإن ذلك يصح، وهل يكون الأجنبي في هذه الحالة وكيلاً يصح للزوج عزله أو يكون مفوضاً كالزوجة فلا يصح؟ والجواب: أنه إذا فرض للزوجة بالفعل فقد أصبحت مالكة، ولا يكون للزوج كلام، وأما إذا لم يفوض لها فإنه يكون وكيلاً يصح عزله، كما إذا وكله على طلاقها، فإن له عزله قبل أن يطلقها، فإذا طلقها، نفذ طلاقه ولا كلام للزوج، وهذا هو المعقول، لأن كونه وكيلاً في التخيير أو التمليك لغيره لا يجعله مخيراً أو مملكاً، فهو وكيل على كل حال، فمن قال: أنه يكون مالكاً للتخيير أو التمليك فلا يصح عزله فقد سهى عن كونه وكيلاً في تمليك الزوجة، فلا يكون هو مخيراً ولا مملكاً، نعم إذا خيره في عصمتها أو ملكه إياها، كأن قال له: أنت مخير في تطليق زوجتي، أو أمر عصمتها بيدها، فإنه في هذه الحالة لا يصح عزله، فإنه يكون هو المخير المملك.
هذا هو التوكيل، أما التخيير، فهو جعل الزوج إنشاء الطلاق ثلاثاً حقاً لغيره نصاً أو حكماً،

<<  <  ج: ص:  >  >>