والحاصل أنه يشترط لبقاء الخيار أمران: الأول أن لا تمكنه من نفسها باختيارها بعد علمها بالتخيير أو التمليك، فإن مكنته سقط حقها، وإن لم يطأها، ولو كانت جاهلة بأن تمكينه يسقط حقها. الثاني: أن لا يمضي الزمن الذي حدده للتخيير أن حدد له زمناً ولتحديد الزمن حالتان: الحالة الأولى: أن يعلم الحاكم به، وفي هذه الحالة يجب على الحاكم أو من يقوم مقامه الحيلولة بينهما حتى تجيب بالتطليق أو برد التمليك أو التخيير بلا مهلة، فإن لم تفعل قضى الحاكم بإسقاط حقها كي لا تستمر الزوجية مشكوكاً فيها زمناً. الحالة الثانية: أن لا يعلم الحاكم فلا يوقفها الخ، وفي هذه الحالة يسقط اختيارها بعد مضي المدة وعلى كلتا الحالتين يجب على الزوج أن لا يقربها، إذا لا يحل الاستمتاع بامرأة مشكوك في بقاء عصمتها، وهل يسقط حقها إذا قامت من المجلس. أو لا؟ خلاف فبعضهم يقول: إذا خيرها تخييراً مطلقاً غير مقيد بالزمان أو ملكها تمليكاً مطلقاً لا يبقى خيارها أو تمليكها إلا في المجلس الذي خيرها فيه بحيث لو تفرقا بطل، على إنه إذا لم يتفرقا في المجلس ولكن مضى زمن يمكنها أن تختار فيه ولم تفعل سقط خيارها، وكذا إذا بقيا في المجلس ولكن فعلت ما يدل على الاعراض بطل خيارها، وهذا هو الراجح، وبعضهم يقول: لا يبطل تخييرها ولا تمليكها، وإن طال الزمن أو تفرقا من المجلس. ومن الأحكام المشتركة بينهما أن إذا خير زوجته وملكها، ثم أبانها بخلع أو بطلاق بائن، ثم ردها إلى عصمته ثانياً فإنه يبطل تخييرها أو تمليكها لأنها رجعت له باختيارها فأبطلت ما ملكته أولاً. أما إذا طاقها طلقه رجعية ثم راجعها فإن تخييرها لا يبطل لأن الرجعة لا تتوقف على رضاها، ومنها أنه إذا خيرها أو ملكها، فنقلت أثاث المنزل إلى دار أبيها، فإن نقلت الأثاث الذي ينقل بعد الطلاق كان طلاقاً، وإلا فلا، إلا إذا نوت به الطلاق، فإنه يكون طلاقاً بلا خلاف، وهو وإن كان فعلاً ولكن قد انضم إليه من قرينة التمليك أو التخيير ما يجعله كالصريح ومنها أنه إذا خيرها أو ملكها وأجابت بكلام يحتمل الطلاق ويحتمل البقاء في عصمته فإنها تؤمن بتفسيره ويقبل منها التفسير الذي تقرره، مثلاً إذا قال لها: اختاري فقالت: قبلت أو قالت: اخترت، أو قال لها: أمرك بيدك، فقالت: قبلت أمري أو قبلت ما ملكتني، ففي هذه الحالة تلزم ببيان غرضها، فإن قالت: أردت بقولي قبلت البقاء في عصمة زوجي أو اخترت البقاء في عصمته فإنها تبقى على عصمته، وإن قالت: أردت الطلاق، أو اخترت نفسي طلقت،