وبهذا تعلم أن خلع المحجور عليها لسفه لا يلزم به مال، ولكن يقع به الطلاق رجعياً إلا في صورة واحدة، فإنه يقع به الطلاق البائن ويلزم العوض، وهي ما إذا أذنها وليها بالخلع على مال معين خوفاً من أن يبدد زوجها مالها. هذا إذا كانت الزوجة مدخولاً بها. أما إذا كانت غير مدخول بها فإنه يقع طلاقاً بائناً، لأن الطلاق قبل الدخول بائن، كما تقدم، فإن كانت محجوراً عليها لفلس لا لسفه فإن خلعها يصح ويقع به الطلاق البائن، أما التزامها للمال فإن له صورتين: الصورة الأولى: أن تلتزم بمال غير معين، كأن تقول له: خالعني على عشرين جنيهاً، وفي هذه الحالة يلزمها مبلغ العشرين ديناً في ذمتها تدفعها له بعد رفع الحجر. الصورة الثانية: أن تخالعه على عين من مالها المحجور عليه كأن تقول له: خالعتك على هذه الفرس مثلاً، وفي هذه الحالة تبين منه بمهر المثل ديناً في ذمتها. وهل المريضة مرض الموت مطلقة التصرف في مالها فيصح لها أن تخالع زوجها بالعوض الذي تريده. أو لا؟ الجواب: أن المريض مرض الموت له التصرف في ماله بغير التبرع، أما التبرع فليس له أن يتبرع ما يزيد على الثلث، وعلى هذا يكون في الجواب تفصيل، وهو أن العوض إن كان يساوي مهر المثل فإنه ينفذ بلا كلام. لأن مهر المثل في نظير حل العصمة فليس فيه تبرع، أما إن كانت الزيادة على مهر المثل فإن الزيادة على مهر المثل تكون تبرعاً، وفي هذه الحالة ينظر إن كانت الزيادة أقل من الثلث فإن له أخذها بدون اعتراض، وإن كانت أكثر وأجازت الورثة، فإنه يأخذها، فإن لم تجز الورثة، أو كان الثلث أقل منها فسخ العوض المسمى ورجع بمهر المثل فقط، وعلى هذا يقال: إن المريضة. مرض الموت مطلقة التصرف في العوض الذي يساوي مهر المثل، أما أنها تكون وصية فتجري عليها أحكام الوصية. بقي حكم الأمة إذا خالعت زوجها، فهل يصح، أو لا؟ والجواب: أن الأمة وإن كانت غير مطلقة التصرف، ولكنها ليست كالسفيه، لأنها إذا خالعت زوجها بإذن سيدها بمال عينه لها وقع الطلاق بائناً ولزمت العين التي عينها من ماله، وإذا زادت على ما عينه صح الخلع وتعلقت الزيادة بكسبها من ذلك المال، وإذا لم يأذنها سيدها، فإن الخلع يصح ويقع الطلاق بائناً بمهر المثل، ويتعلق العوض بذمتها على الوجه المتقدم.