وحاصل المباحث المتعلقة بالكفارة أن لها ركناً، وشرط وجوب ووقت وجوب وشرط صحة ومصرفاً وصفة وحكماً. فأما ركنها الذي تتحقق به، فهو الفعل المخصوص من إعتاق أو صيام أو إطعام، كما بينا، وأما شرط وجوبها، فهو القدرة عليها، وأما وقت وجوبها فهو العزم على الوطء عزماً مستمراً. بحيث لو عزم ثم رجع فإنها لا تجب، وأما شرط صحتها فهو النية المقارنة لفعلها، فلو أخرج الكفارة بدون نية ثم نوى، فإنها لا تجزئه، وأما مصرفها إن كانت إطعاماً، فهو مصرف الزكاة، ولكن يصح صرفها للذمي دون الحربي، وأما صفتها، فهي عقوبة من حيث وجوبها على الشخص، وهي عبادة حال أدائها، لأن فيها امتثال أمر الشارع، وأما حكمها فهو سقوط الواجب عن الذمة، وحصول الثواب المقتضي لتكفير الخطايا، وهل هي واجبة على التراخي، أو على الفور؟ رأيان، وقد تقدم أنه يجبر على التكفير كي لا تتضرر المرأة بالهجران، فالصحيح أنها واجبة على الفور. الشافعية - قالوا: يشترط في جميع الأنواع نية الكفارة، سواء كانت عتقاً، أو صياماً، أو إطعام، ولكن يجب اقتران النية بنوع من هذه الأنواع فلو نوى أن يعتق هذا العبد كفارة عن الظهار ثم مضى زمن طويل، وأعتقه بدون أن ينوي فإنه يصح، وقيل: بل يجب اقترانها بالفعل، إلا في الصوم، فإنه ينوي بالليل، ويلزم تعيين الظهار، فإذا كان عليه كفارة صيام وكفارة ظهار، وأخرج الكفارة ولم يعين عن إحداهما، فإنها تصح عن إحداهما ولا يطالب بكفارة واحدة، فإن عين وأخطأ، بأن قال: نويت كفارة الصيام وعليه كفارة الظهار فإنها لا تصح، ويشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة، وأن تكون سليمة من العيوب المخلة بالعمل إخلالاً بيناً، فيجزئ عتق الصغير والكبير، والأقرع، والأعور، والأصم والأخرس الذي يفهم بالإشارة، لأنه يمكنه أن يعمل في الحياة، وإنما يجب الإعتاق إذا كان يملك رقبة، أو يملك ثمنها زائداً على كفايته هو ومن يعول من نفقة وكسوة مدة عمره الغالب عادة، وقيل بل يملك نفقته ونفقة من يعوله سنة، بحيث لا يترتب على شراء الرقبة ضرر يلحقه أو يلحق من يعول، وإن فاته بعض رفاهية، ومن ملك رقيقاً لا يستغني عن خدمته لمرض أو كبر أو نحو ذلك فلا يجب عليه عتقه، ولا يلزمه أن يبيع عقاره أو رأس مال تجارته أو ماشيته المحتاج إليها ليشتري عبداً يعتقه، فإن عجز عن الإعتاق انتقل إلى الصيام، ويعتبر العجز وقت أداء الكفارة لا وقت الوجوب، لأن وقت وجوبها هو عقب الظهار مباشرة، أما وقت أدائها فليس فوراً، ولكن يحرم تأخيرها والصيام شهران متتابعان، ولكن لا يلزمه أن ينوي التتابع، بل يكفيه نية الكفارة، وينقطع التتابع بإفطار يوم ولو لعذر لمرض أو سفر، ولو كان اليوم الأخير من الستين، ولا ينقطع بإغمائه طول اليوم، فإن عجز عن الصيام