ثانيها: أن لا ترتاب في براءة رحمها من الحمل، فإن ارتابت، أي شكت في وجود حمل لثقل أو لحركة في بطنها، فلا يخلو إما أن تحدث لها الريبة قبل انقضاء العدة، أو بعدها، فإذا حدثت لها قبل انقضائها، فإنه يجب عليها أن تنتظر حتى تزول الريبة، بحيث لو انقضت عدتها وتزوجت غير زوجها المتوفى وقع النكاح باطلاً، حتى ولو تبين أنها غير حامل في الواقع، فعليها تجديد عقد، وبعضهم يقول: إن النكاح الأول يبقى على حاله، لأن الواقع دل على أنه صحيح، فإذا استمرت مع الزوج الثاني على النكاح الباطل، فولدت لأكثر من ستة أشهر لحق الولد به، وإن أمكن كونه من الأول، بأن ولدته لأقل من أربع سنين من تاريخ طلاقها، لأنها في هذه الحالة تكون قد ولدته لأقل مدة الحمل، فيمكن نسبته للأول، أما إن ولدت لأقل من ستة أشهر، فإن الولد يلحق بالأول، وإن أمكن نسبته إلى الثاني، بأن ولدته لأكثر من أربع سنين، أما إذا حدثت لها الريبة بعد انقضاء عدتها، فإنه يسن لها أن تصبر على الزواج، حتى تزول الريبة، فإذا خالفت السنة وتزوجت بآخر لم يبطل النكاح لانقضاء العدة ظاهراً، إلا إذا قامت قرينة قاطعة على بطلانه، بأن تلد لأقل من ستة أشهر من إمكان علوق الولد بعد العقد، بأن يتمكن الزوج الأول من وطئها وإحبالها، فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر من ذلك التاريخ، فإنه يتبين بذلك بطلان العقد الثاني، وأن عدتها من الأول لم تنقض، ويلحق نسب الولد للأول، إذا أمكن نسبته إليه بحيث لا تلده لأقل من أربع سنين، وهي أكثر مدة الحمل، أما إذا ولدته لأكثر من أربع سنين، فإنه لا يمكن إلحاقه به، كما تقدم، أما إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر، فإن العقد الثاني يكون صحيحاً، ويكون الولد للثاني، ولم يذكر الشافعية هنا ما إذا أمكن إزالة الريبة بالوسائل الطبية، ومعرفة النساء الخبيرات، ولكنهم قالوا: إنه يعمل برأي القابلة في الاخبار عن السقط، بأنه لحم إنسان، فقالوا: إذا أخبرت بذلك أربع قابلات - أي مولدا - فإن لها أن تتزوج ظاهراً وباطناً، ويقوم مقام القوابل الأربع رجلان خبيران، وإذا أخبرت قابلة واحدة فإنها يصح لها أن تتزوج باطناً، وعلى هذا فمبدأ الاعتماد على المرأة الخبيرة معتبر عند الشافعية، والغرض واحد، وهو التحقق من براءة الرحم، فيصح حينئذ أن تعرض المرأة المرتابة نفسها على الطبيبات الخبيرات عند الريبة لتتحقق من عدم الحمل، وتستريح من هذا العناء. واعلم أن هذا الشرط ليس خاصاً بانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، بل يتناول عدة المطلقة أيضاً، والمفسوخ نكاحها. وقد عرفت من مبحث - انقضاء العدة بوضع الحمل - أن الصبي. والممسوح، وهو مقطوع الذكر والأنثيين، إذا ماتا عن زوجة فإن عدتها أربعة أشهر وعشر من تاريخ الوفاة، ولو ظهر بها حمل، فقد