للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


والمجون، إن المرأة التي تباشر خدمة منزلها وتدبير شأنه ومراقبة أبنائها وبناتها مراقبة فعلية تقوم بوظيفتها خير قيام وتؤدي للمجتمع خير خدمة، وإن للمسلمات المؤمنات أسوة حسنة في السيدة فاطمة سيدة نساء العالمين وبنت سيد خلق الله أجمعين عليه الصلاة والسلام، وليس معنى هذا أن تكلف المرأة بما فوق طاقتها ولا تستعين بخادم وطاه إذا كانت موسرة، كلا، بل الغرض أن تدير الأعمال المنزلية النافعة واستعداد لما عساه أن يطرأ من الظروف والأحوال، وقد يختفي الخادم فجأة، وقد تكون الأسرة في مكان لا طعام به، فليس من الحسن أن تظل الأسرة جائعة لجهل السيدة بالأعمال المنزلية، فضلاً عما في التدريب على الأعمال من سلوى للسيدة تحول بينها وبين التسكع في الطرق والتنقل في دور الملاهي كما قلنا.
ثم إنه إذا وجب على المرأة الخبز والطهي وخدمة المنزل، كما ذكرنا، فإنه يجب على الزوج أن يحضر لها الآلات اللازمة لذلك بحسب البيئة فإذا كانت في بلاد لا تطحن إلا على الرحى وجب عليه أن يستحضر لها الرحى، وإذا كانت في جهات تطحن بغير الرحى كالآلات البخارية والطواحين، فإنه يجب عليه أن يحضر لها الغربال والمنخل، والماعون الذي تعجن فيه وكذا يجب عليه أن يحضر لها آلة الطبخ من كانون ومغرفة وملاعق، ونحو ذلك، على حسب حالها، وعليه أيضاً الماء، فغن كانت في بلد اعتادت نساؤها أن تحضر الماء بنفسها كان عليها احضاره كما في القرى الصغيرة التي تنقل فيها النساء الماء بأنفسهن، وإذا أذن لها في استحضاره، وإلا وجب عليه أن يحضر لها الماء بالوسائل المعتادة من سقاء، أو من شركات المياه - الحنفيات - وعليه أن يحضر لها الماء الكافي للغسل والوضوء والنظافة، وعليه أن يحضر لها الآلات اللازمة لذلك، بما في ذلك الزير والكوز، أما الكسوة فإنها تفرض لها في كل نصف حول مرة، إلا إذا تزوج وبنى بها، ولم يبعث لها كسوة، فإن لها أن تطالبه بها قبل نصف الحول، ويجب أن يلاحظ الفصول في تقدير الكسوة فينبغي أن يزاد لها في فصل الشتاء ما يدفع أذى البرد، وفي فصل الصيف ما يدفع أذى الحر، ويجب أن يلاحظ أيضاً ما جرى عليه العرف بين أمثالها في تقدير الكسوة، وتشمل الكسوة أيضاً ما تلبسه في رجلها من حذاء، وعلى رأسها من مزر ونحوه، وأما السكنى فإنه يجب عليه إسكانها في منزل لائق بحالهما، خال عن أهله وولده. إلا إذا كان طفلاً صغيراً لا يفهم معنى الجماع، فإنه لا يضر وجوده، وهل له أن يسكن مع أمته؟ خلاف، والراجح أن له إسكانها معها بشرط أن لا يطأها أمامها، أما إذا كانت له أم ولد، فالصحيح أنه ليس له إسكانها معها، لأن الأمة بعد أن تلد تكون كالضرة أو أشد.
هذا كله إذا لم ترض، أما إذا رضيت فسكنت مع أهله فإنه يصح، وله منع أهلها من السكنى معها، ولو سكنى ولدها من غيره. ولو كان صغيراً لا يفهم معنى الجماع، وكذا له منعها من إرضاعه وتربيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>