للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الفساق عليه، فيحرم شربه دفعاً لما يتعلق به من الفساد، أما إذا طبخ حتى إذا ذهب ثلثاه فهو حلال وإن اشتد إذا قصد به التقوى. وإن قصد به التلهي فهو حرام وذلك لما أخرجه النسائي عن طريق عبد اللَّه بن يزيد الخطمي قَالَ: كتب عمر: اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان اثنين، ولكم واحد، وصحح هذا الحافظ في الفتح.
وأخرج الإمام مالك رحمه اللَّه في الموطأ من طريق محمود بن لبيد الأنصاري، أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض، وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب. فقال عمر: اشربوا العسل، قالوا ما يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن تجعل من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ فقال: نعم، فطبخوا حتى ذهب منه الثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه إصعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، وقال: اللَّهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، وورد من طريق سعيد بن المسيب، أن عمر أحل من الشراب ما يطبخ ثلثاه، ويبقى ثلثه.
قَالَ في الفتح: وقد وافق عمر ومن ذكر معه على الحكم المذكور، أبو موسى، وأبو الدرداء، أخرجه النسائي عنهما. والإمام علي كرم اللَّه وجهه، وأبو أمامة، وخالد بن الوليد، وغيرهم، أخرجه ابن أبي شيبة، وغيره.
ومن التابعين ابن المسيب، والحسن، وعكرمة، ومن الفقهاء، الثوري والليث.
المالكية والشافعية، والحنابلة - قالوا: العصير المطبوخ يمتنع شربه إذا صار مسكراً، قليلاً أو كثيراً سواء غلي أم لا، لأنه يجوز أن يبلغ حد الإسكار، بأن يغلي، ثم يسكن غليانه بعد ذلك. فشرط تناوله عندهم ما لم يسكر.
فقد أخرج الإمام مالك بإسناد صحيح (أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قَالَ: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شرب الطلاء، وإني سائل عما شرب، فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر الحد تاماً) وفي السياق حذف، والتقدير، فسأل عنه فوجده يسكر فجلده وأخرج سعيد بن منصور عنه نحوه.
وفي هذا رد على من احتج بأن عمر بن الخطاب جوز شراب المطبوخ إذا ذهب منه ثلثاه ولو أسكر. وقال أبو الليث السمرقندي: شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنباً من شارب الخمر، لأن شارب الخمر يشربها وهو عالم أنه عاص بشربها، وشارب المطبوخ يشرب المسكر ويراه حلالاً. وقد قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره حرام، وثبت قوله صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ (كل مسكر حرام) ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر.
الشافعية والمالكية والهادوية - قالوا: يحرم شرب كل مسكر سواء كان من عصير أو نبيذ، ولا يجوز تناوله مطلقاً وإن قل ولم يسكر إذا كان في ذلك الجنس صلاحية الإسكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>