اتفق العلماء على أن الخمر يكفر مستحلها لثبوت حرمتها بدليل قطعي، وإجماع الأمة على حرمتها، وتواتر الأدلة. وأنها نجسة نجاسة مغلظة لثبوتها بالدليل القطعي، ولا قيمة لها في حق لامسلم، فلا يجوز له بيعها ولا يضمن غاصبها، ولا متلفها، لأن ذلك دليل عزتها، وتحريمها دليل إهانتها. وقد روي عن الْنَّبِيّ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أنه قَالَ: (إن الذي حرم شربها، حرم بيعها، وأكل ثمنها) وكذلك يحرم الانتفاع بها لنجستها، ولأن في الانتفاع بها تقريبها واللَّه عز وجل يقول.. {فاجتنبوه} . وأفتى علماء الإسلام بأنه لا يجوز تمكين غير المسلمين من بيع الخمور ظاهراً في أمصار المسلمين وبلادهم. لأن إظهار بيع الخمر إظهار للفسق، فيمنعون من ذلك، نعم لهم أن يبيعوا الخمر بعضهم لبعض سراً، كبيع لحم الخنزير، لأنها أموال معتبرة عندهم. فائدة يحد شارب الخمر، وإن لا يسكر منها حسماً لمادة الفساد، كما تقبيل الأجنبية والخلوة بها لإفصائه إلى الوطء المحرم. وللحديث الذي رواه الحاكم (من شرب الخمر فاجلدوه) ولم ينص على السكر وغيره. ولو فرض شخص لا يسكره الخمر، لأنه مدمن عليها، وقد تشرب دمه بها، حرم عليه شربها للنجاسة لا للإسكار، ويحد بشربها. وإذا وجدت الخمر في دار إنسان، وعليها قوم جلسوا مجالس من يشربها. ولم يرهم أحد يشربونها، ولم تظهر رائحتها عليهم، ولم يقروا بشربها. عزرهم الإمام، لأنهم ارتكبوا أمراً محظوراً، وجلسوا مجلساً منكراً. أو وجدوا في يحملها، أو يحتفظ بها في داره عزر، لأنه ارتكب محظوراً. من وجد ريح الخمر توجد منه ومن شرب الخمر طواعية من غير إكراه. فأخذ وريحها موجودة، أو جاؤوا به إلى الحاكم وهو سكران من غير الخمر من النبيذ أو غيره من أنواع الأنبذة المعروفة، فشهد عليه شاهدان بالشراب، فإنه يقام عليه الحد. ولو أخذ وريحها توجد منه، فلما وصل إلى الحاكم انقطعت الرائحة لبعد المسافة يحد من غير خلاف أما إذا ذهب ريحها منه، وكانت المسافة قريبة فقد اختلف العلماء فيه. الحنفية - قالوا: لا يقام عليه الحد، لأن الحد لا يقام إلا بشهادة الشهود مع وجود الرائحة. أبو مُحَمَّد من الحنفية، والمالكية، والشافعية، وفي رواية عن الحنابلة - قالوا: يقام عليه الحد بالشهادة مع عدم وجود وجود الرائحة فلا يشترط وجود مع البينة، أو الإقرار، حيث أنه لا حاجة إليها. ومن وجد منه ريح الخمر، ولم يقر، ولم تقم عليه الشهادة اختلف فيه. الحنفية، والشافعية، وجمهور أهل العراق، وعلماء لابصرة - قالوا: لا يثبت الحد عليه