للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


منها. كانت الحدود التي تمنع منها حقوق اللَّه على الخلوص. فإن حقوقه سبحانه وتعالى دائماً تفيد مصالح عامة للمجتمع كله.
مبحث حكمة مشروعية الحدود
وحكمة مشروعيته هو الزجر عما يتضرر به العباد. من إفساد الفرش، وإضاعة الأنساب، وهتك الأعراض، وإتلف الأموال، وزهاق الأنفس، واضطراب الامن. والحدود دواء شاف وعلاج ناجح، لما يصيب المجتمع من الأمراض الاخلاقية الخطيرة، ولأمراض النفسية الفتاكة. التة تهلك المجتمع وتنخر في جسده، وتمزق اوصاله، وتودة به الى الهاوية.
إنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت إخلاقهم ذهبوا
فالإسلام ينظر إلى الإنحراف على أنه خروج عن الفطرة السليمة التي قفطر اللَّه الإنسان عليها. وعصيان على الطبيعة، وتمرد عليها، ويحاول العلاج لمن انحرف عن طبعه، وغذا تعذر العلاج، ولم يفد الإصلاح كان موقف الإسلام أشد صلابة في ردع المجرم، والقسوة في الحكم عليه حتى لا يكون بقاء الفساد قضاء على المجتمع كله.
وبهذه الطريقة يحارب الإسلام الإنحرافات، ويضع لها الحدود الرادعة، التي تناسب خطورة الذنب، وقاية للجماعة الإنسانية من الضياع والفساد. كالعضو الذي أصيب بمرض فتاك. فإذا لم يمكن علاجه اضطر إلى بتره حماية للجسد كله.
حد الزنا
الزنا عبارة عن وطء مكلف في فرج امرأة مشتهاة، خال عن الملك وشبهته، ويثبت به حرمة المصاهرة، نسباً ورضاعة.
ولما كانت جريمة الزنا من ابشع الجرائم التي ترتكب ضد الشرف والأخلاق، والفضيلة، والكرامة، وتؤدي إلى تفويض بناء المجتمع، وتفتيت الأسر، واختلاط الأنساب، وقطع العلاقات الزوجية، وسوء تربية الأولاد، بل تقضي إلى ضياع الطفل الذي هو قتل له معنى. فإن ولد الزنا، ليس له من يربيه، والأم بمفردها لا تستضيع تربية والقيام بشؤونه، لقصور يدها. فيشب على أسوأ الأحوال، ويصير عضواً فاسداً في جسد المجتمع الإنساني، ينشر الحقد، والبغضاء. ويبث الفساد، والإجرام، لأنه ثمرة الجريمة البشعة المنكرة.
فجريمة الزنا من أخطر أمور الحياة كلها، بل أشدها تعلقاً بنظامها، ودوام سعادتها، وهنائها. وتمسكها، وترابطها، ولذلك اهتم الشارع الحكيم بهذا الحد أكبر اهتمام، صوناً للحياة المنزلية من الانهيار، وحفظاً للروابط الأسرية مما يتهددها من بلاء وأطار، فذكر غقاب من لا يحفظ فرجه، وبينه أعظم بيان، وجعله من أشد العقوبات، وأفظعها، وأوجب أن لا تأخذنا شفقة، ولا رحمة. بالجناة.

<<  <  ج: ص:  >  >>