- ٢ - إذا وطأ زوجته المطلقة بائناً بالكنايات كأن قَالَ لها: أنت خلية، أو أمرك بيدك، فاختارت نفسها، ونحوها، ثم وطئها في العدة. وذلك لاختلاف الصحابة رضوان اللَّه عليهم في الكناية، فمذهب سيدنا عمر أن الكنايات رجعية، وكذا مذهب ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما. ففي مصنف عبد الرزاق، حدثنا الثوري عن منصور حدثني إبراهيم عن علقمة، والأسود، أن ابن مسعود جاء إليه رجل، فقال: كان بيني وبين امرأتي كلام فقالت: لو كان الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع، قَالَ: فقلت لها، قد جعلت أمرك بيدك. فقالت أنا طالقة ثلاثاً، قَالَ ابن مسعود: أراها واحدة، وأنت أحق بالرجعة. وسألنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال: ماذا قلت؟ قَالَ: قلت أراها واحدة، وهو أحق بها قَالَ: وأنا أرى ذلك، وزاد من طريق آخر ولو رأيت غير ذلك لم تصب. وأخرج ابن أبي شيبة عنهما في مصنفه أنهما قالا: في البرية، والخلية، هي تطليقة واحدة، وهو أملك برجعتها. ومن مذهب الإمام علي كرم اللَّه وجهه في خلية، وبرية، أنها ثلاث على ما أخرجه عنه ابن أبي شيبة. - ٣ - والجارية المرهونة في حق المرتهن، وفي رواية، لأنه انعقد له فيها سبب الملك، لأنه بالهلاك يصير مستوفياً حقه من وقت الرهن، وإذا كان كذلك فقد انعقد له فيها سبب الملك في الحال، ويحصل حقيقة الملك عند الهلاك. - ٤ - إذا وطأ الجارية المشتركة بينه وبين غيره. لأنه وطأ جارية انعقد له فيها سبب الملك لأن الشراء سبب لملك المتعة، فقد دفع له فيها شبهة تمنع عنه وجوب الحد. - ٥ - إذا وطأ البائع جاريته المبيعة قبل تسليمها إلى المشتري. - ٦ - إذا وطأ الجارية المجعولة مهراً قبل أن يسلمها إلى زوجته، لأن الملك فيها لم يستقر للزوجة ولا للمشتري. والمالك كان مسلطاً على وطئها بتلك اليد مع الملك. وملك اليد ثابت، والملك الزائل مزلزل، فهي شبهة في حقيقة الملك بحكم الشرع. ففي جميع هذه المواضع التي ذكرناها لا يجب إقامة الحد على الواطئ، وإن قَالَ: علمت أنها علي حرام. لأن المانع من إقامة الحد هو الشبهة، وهي هنا قائمة في نفس الحكم، أي الحرمة القائمة فيها شبهة أنها ليست بثابتة نظراً إلى دليل المحل. والزنا أمر محظور، فلا يثبت بالظن، ولا مع الشبهة القوية، بل لابد فيه من التحقيق، والتثبت من غير شك ولا ريبة، وقد أوصانا رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم بالتثبت في هذا الحكم، حتى لا تزهق الأرواح البريئة بغير حق فقال صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم (ادرؤوا الحدود بالشبهات) وقد قَالَ بعض الفقهاء هذا الحديث متفق عليه، وقد تلقته الأمة بالقبول.