ومن أكرهه السلطان حتى زنا بامرأة، فلا حد عليه، لأن السبب الملجئ إلى الفعل قائم، وهو قيام السيف، وكذا المرأة المكرهة، لا تحد بالإجماع. فإن حصل الإكراه من غير السلطان. اختلف فيه. الحنفية - قالوا: يقام عليه الحد، لأن الزنا من الرجل لا يتصور إلا بعد انتشار الآلة فيه، وهذه علامة الطواعية، والرضا. الشافعية، والمالكية، والحنابلة، - والصاحبان - قالوا: لا يقام الحد على المكره بغير السلطان. استكراه الرجل المرأة على الزنا الشافعية - قالوا: إذا استكره الرجل المرأة على الزنا، أقيم عليه الحد، ولا يقام عليها، لأنها مستكرهة، مغلوبة على أمرها، ولها مهر مثلها، حرة كانت أو أمة، ويثبت النسب منه إذا حملت المرأة وعليها العدة. فإذا كانت أمة نقصت الإصابة من ثمنها شيئاً، قضى عليه مع المهر بما نقص من ثمنها. وأما إذا كانت حرة فجرحها جرحاً له أرش، قضي عليه بأرش الجرح. وكذلك لو ماتت من وطئه كانت عليه دية الحرة. وقيمة الأمة، والمهر. استئجار المرأة للزنا الحنفية - قالوا: إذا استأجر الرجل امرأة للزنا - قبلت، ووطئها، فلا يقام الحد عليهما ويعزران بما يرى الإمام، وعليهما إثم الزنا يوم القيامة. لما روي أن امرأة طلبت من راعي غنم في الصحراء أن يسقيها، لبناً - فأبى أن يعطيها اللبن حتى تمكنه من نفسها، ونظراً لضرورتها وحاجتها إلى الطعام قبلت المرأة. ووطئها الراعي - ثم رفع الأمر إلى سيدنا عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدرأ الحد عنهما وقال: ذلك مهرها، وعد هذا استئجار لها. ولأن الإجارة تمليك المنافع، فأوردت شبهة عندهما. ولأن اللَّه تبارك وتعلى قد سمى المهر أجراً في كتابه العزيز فقال تعالى: {فأوتوهن أجورهن فريضة} فهو كمن قَالَ: أمهرك كذا فهو نكاح فاسد. وسواء كان المؤجر لها، وليها، أم سيدها، حرة كانت، أو أمة، إذا لم تكن في عصمة رجل. ولأن عقد الإجارة عنده شبهة تدرأ الحد عنه، مع أنه يحرم الإقدام على ذلك. الصاحبان قالا: يجب إقامة الحد عليهما. لأن منافع البضع لا تملك بالإجارة فأصبح وجود الإجازة، وعدمها سواء، فلا تعد شبهة تدرأ الحد عنهما. وصار الرجل كأنه وطأها، من غير شرط، وذلك الرأي هو الراجح المعمول به في المذاهب.