للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وسبب نزول هذه الآيات الشريفة ما روي عن ابن عباس رحمهما الله تعالى أنه قال: لما نزل قول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} قال عاصم بن عدي الأنصاري رضي الله تعالى عنه: (إن دخل منا رجل بيته فوجد رجلا على بطن امرأته، فإن جاء بأربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج، وإن قتله قتل به، وإن قال: وجدت فلانا مع تلك المرأة ضرب، وإن سكت سكت على غيظ) ، اللهم افتح وكان لعاصم هذا ابن عم يقال عويمر، وله امرأة يقال لها: خولة بنت قيس، فأتى عويمر عاصما فقال لقد رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة، فاسترجع وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بهذا في أهل بيتي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ذاك؟) فقال: أخبرني عويمر ابن عمي بأنه رأى شريك بن السحماء على بطن امرأته خولة، وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بنو عاصم.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم جميعا وقال لعويمر: اتق الله في زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسم بالله أني رأيت شريكا على بطنها وأني ما قربتها منذ أربعة أشهر، وأنها حبلى من غيري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقي الله، ولا تخبري إلا بما صنعت) ، فقالت: يا رسول الله إن عويمرا رجل غيور، وإنه رأى شريكا يطيل النظر إلي ويتحدث معي، فحملته الغيرة على ما قال، فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نودي الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر: (قم وقل أشهد بالله أن خولة لزانية، وإني لمن الصادقين، ثم قال في الثانية قل: أشهد بالله أني رأيت شريكا على بطنها، وإني لمن الصادقين، ثم قال في الثالثة قل: أشهد بالله أنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين، ثم قال في الرابعة قل: أشهد بالله أنها زانية وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين، ثم قال في الخامسة قل: لعنة الله على عويمر - يعني نفسه - إن كان من الكاذبين فيما قال، ثم قال اقعد، وقال لخولة قومي فأقمت وقال: أشهد بالله ما أنا زانية، وإن زوجي عويمرا لمن الكاذبين، وقالت في الثانية: أشهد بالله ما رأى شريكا على بطني وإنه لمن الكاذبين، وقالت في الثالثة: أشهد بالله أني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين وقالت في الخامسة: غضب الله على خولة إن كان عويمر من الصادقين في قوله. ففرق رسول الله بينهما) .
واعلم أنه إذا رمى الرجل امرأته بالزنا يجب عليه الحد إن كانت محصنة والتغرير إن لم تكن محصنة كما في رمي الأجنبية لا يختلف موجبهما، غير أنهكا يختلفان في المخلص، ففي قذف الأجنبي لا يسقط الحمد عن القاذف إلا بإقرار المقذوف، أو ببينة تقوم على الزنا وفي قذف الزوجة يسقط عنه الحد بأحد هذين الأمرين أو باللعان، وإنما اعتبر الشرع اللعان على هذه الصورة دون الأجنبيات لوجهين:
الأول: أنه لا معرة عليه في زنا الأجنبية والأولى له الستر عليها، أما إذا وقع الزنا على زوجته

<<  <  ج: ص:  >  >>