للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ثم يحسم، وإن وجد ارفق، وأمكن من هذا قطع به، لأنه إنما يراد به غقامة المحد، لا التلف، ولهذا لا يقطع السارق، ولا يقام حد، دون القتل على امرأة حبلى، ولا مريض دنف، ولا بين المرض، ولا في يوم مفرط البرد، ولا في يوم شديد الحر، ولا في أسباب التلف - ومن أسباب التلف الي يترك إقامة الحد فيها إلى البرء، ان تقطع يد السارق فلا يبرأ حتى يسرق فيؤخر حتى تبرأ يده، ومن ذلك ان يجلد الرجل فلا يبرأ جلده حتى يصيب حداً، فيترك حتى يبرأ جلده، وكذلك كل قرح أو مرض أصابه. وحجتهم في جواز القطع في المرة الثالثة والرابعة ما روي من محديث جابر بن عبد اله رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أي بعبد سرقن فقطع يده اليمنى، ثم أي به في الثانية فقطع رجله، ثم أتي به في الثالثة، فقطع يده اليسرى، ثم أتي به في الرابعة فقطع رجله اليمنى. وأخرج الدارقطني من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق: (إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله) .
وبما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه ان رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، قدم على أب بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فشكا إليه أن عامل اليمن، طلمه فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم افتقدوا حلياً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر، فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاء، فاعترف به الأقطع، أو شهد عليه، فأمر أبو بكر رضي الله عنه فقطعت يده اليسرى، وقا أبو ذر: (والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته) . قال الشافعي رحمه الله: فبهذا نأخذ، فإذا سرق أولاً قطعت يده اليمنى، من مفصل الكف، ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى من المفصل ثم حسمت بالنار، ثم إذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من المفصل ثم حسمت بالنارن فإذا سرق الخامسة، حبس وعزر، قال أبن المنذر: (ثبت عن أبي بكر وعمر أنهما قطعا اليد بعد اليدن والرجل بعد الرجل) واحتج الحنفية على قولهم بعدم جواز القطع في الثالثةن وإنما يجب حبسه وتعزيره، وغرامتهن بما رواه اليهقي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال بعد أن قطع رجله وأتي به في المرة الثالثة: (بأي شيء يتمسح، وبأي شيء يأكل) لما قيل له يقطع يده اليسرى، ثم قال: أقطع رجله على أي شيء يمشي؟ إني لأستحي من الله عز وجل، ثم ضربه، وأدخله السجن) - وهو تكريم لابن آدم، وتعظيم لحرمته على حرمة المال. وقد أجاب المالكية والشافعية عن هذا الدليل: بأن هذا الرأي لا يقاوم النصوص، وإن كان المنصوص فيه ضعيف كما قال الحنفية، فقد عاضدته الروايات الأخرى، الواردة بهذا المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>