للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (لا قطع على المختيفي) قال: وهو النباش بلغة أهل المدينة، أي بعرفهم. وأما الآثار، فقال أبن المنذر: روي عن أبن الزبير أنه قطع نباشاً، وهو ضعيف. وما روي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أنه وجد قوماً يختفون القبور باليمن على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب فيهم إلى عمر رضي الله عنه، فكتب عمر أن اقطع ايديهم. وما روي عن الزهري أنه قال: أتي مروان بقوم يختفون - أي ينبشون القبور - فضربهم، ونفاهم، والصحابة متوافرون رضوان الله عليهم. وما روي عن الزهري أيضاً قال: أخذ نباش في زمن معاوية، وكان مروان على المدينة، فسأل من بحضرته من الصحابة، والفقهاء، فأجمع رأيهم على أن يضرب، ويطاف. وام من جهة المعنى فلأن الكفن مال متقوم محرز يحرز مثله، فإن القبر حرز للميت، وثيابه تبع له، فيكون حرزاً له أيضاً، فيقطع من يسرقه، ولأنه لا يجوز ترك الميت عارياً، فصارت هذه الحاجة قاضية بأن القبر حرز. وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم القبر بيتاً في حديث أبي ذر حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف أنت إذا أصاب الناس موت، يكون الموت فيه بالوصيف - يعني القبر - قلت: الله ورسوله أعلم، أو ما خار الله لي ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: عليك بالصبر) .
وقد بوب أبو داود عليه قال: باب قطع النباش، قال أبن المنذر: واستدل به أبو داود لأنه سمى القبر بيتاً، والبيت حرز، والسارق من الحرز يقطع بلا خلاف، ولأنه حرز مثله، لأن حرز كل شيء ما يليق به، فحرز الدواب بالإصطبل، وحرز الدرة بالحق والصندوق، والخزينة، والشاة بالحظيرة، فلا يقطع، فكان أخذا الكفن من القبر عين السرقة، ولأن الله تعالى جعل الأرض للإنسان ليسكن فيها حياً، ويدفن فيها ميتاً، وهذا إذا كان القبر في صحراء، أما إذا كان القبر داخل بيت عليه باب مفاق كما هو الحال في أموات القاهرة، وأن كل أسرة تختص بمكان متسع مبني يقال له: (حوش) وبداخله قبور الموتى، ويغلق عليهم، فقال بعض العلماء: يقطع السارق لأكفان الموتى من دار هذا المبنى، لوجود الحرز وهو الباب والغلق. الحنفية - قالوا: لا يقطع ايضاً في هذه الحال، وإن كان الحرز موجوداً، للموانع الأخرى، من نقصان المالية، وعدم الملوكية، ولأن المال ما يجري فيه الرغبة والضنة به، والكفن ينغر عنه كل من علم أنه كفن به ميت، إلا نادراً من الناس، ولن شرع الحد للأنزجار، والحاجة إليه، لما يكثر وجوده، فأما ما يندر فلا يشرع فيه، وكذلك الخلاف، إذا سرق من تابوت في القافلة، وفيه الميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>