الشافعية في الرأي الثاني، والحنابلة في إحدى روايتهم قالوا: إن نوى بالتعويض القذف، وفسره به وجب إقامة حد القذف عليه، وإن لم ينو لا حد عليه، والقول قوله مع يمينه. الحنابلة، في روايتهم الثانية قالوا: يجب الحد على الإطلاق، نوى أو لم ينون خصوصاً إذا كان في حالة غضب وثورة، لنها قرينة تفيد أنه يقصد إهانته، وإلحاق العار بالمقذوف. عدم قبول شهادته اتفق الأئمة على أن القاذف لا تقبل شهادته بعد إقامة الحد عليه، لأن الشارع قد رتب على قذف المحصن أو المحصنة ثلاثة أشياء، الجلد ثمانين جلدة، ورد الشهادة أبداً، والحكم عليه بالفسق، حيث قال تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، وأولئك هم الفاسقون} أما الجلد فللزجر، ولمقابلة الإيذاء بالإيذاء، وأما رد الهشادة فهي عقوبة لسانية تشبه قطع يد السارق، فكأنه روعي أن جزاء هذا اللسان الذي اقترف ذلك الإثم العظيم، أن يهدر ويقطع أثره، فلا يعتد بما يقوله، ويشهد به فيما بين الناس، فهو العدم سواء، وأما تفسيقه فهو مبالغة في الزجر، وإشارة إلى أن ما لقي من جزاء في الدنيا من الحد ورد الشهادة لم يعفه من اعتباره فاسقاً خارا"ً عن أمر ربه وطاعته تبارك وتعالى، وناهيك بهذه الجزاءات دلالة على عظم الخطب، وشدة الخطر، وإذا كان هذا في الرمي بالزنا والاتهام به، فكيف يكون حال مقترف هذا الجرم الفاحش الشنيع؟ فهذا الحكم مع دلالته على ما سبق له، يدل دلالة بالغة على تفظيع جرم تلك الفاحشة، وتشنيع أمرها، وعناية الشارع بالتنزيه عنها، والتنفير منها، حتى يتطهر المجتمتع من آثامها، وإذا حد الكافر في قذف لم تجز شهادته على أهل الذمة، فترد تتمة لحده. إذا كانت أم المقذوف كافرة أو أمة المالكية قالوا: يجب إقامة الحمد على القاذف، سواء كانت أم المقذوف حرة، أو أمة، مسلمة أو كافرة، لعموم لفظ الآية أو كان أبو المقذوف الحر المسلم عبداً، أو كافراً، على الراجح من المذهب.