للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الله ورسوله، فيقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأرض) رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم، والأحاديث في ذلك كثيرة.
وعليه إجماع الأمة من غير مخالف منه، ويؤيده العقل السليم، لأن المال لا يصلح موجباً في القتل العمد، لعدم المماثلة، لأن الآدمي مالك مبتذل، والمال مملوك مبتذل، فأنا يتماثلان، بخلاف القصاص، فإنه يصلح موجباً للتماثلن وفيه زيادة حكمة وهي مصلحة الحياء زجراً للغير إن وقوعه فيه، وجبرأً للورثة فيتعين، وإنما جب المال في الخطأ أولاً، ضرورة صون الدم عن الهدار فإنه لما لم يكن الاقتصاص فيه، هدر الدم لو لم يجب المان والآدمي مكرم لا يجب إهدار دمه، على أن ذلك ثابت بنص القرآن الكريم.
والقصاص شرع لمعنى النظر للولي على وجه خاص، وهو الانتقام، وتشفي الصدر، فإنه شرع زجراً عما كان عليه أهل الجاهلية من إفناء قبيلة بواحد، لا لأنهم كانوا يأخذون أموالاً كثيرة عند قتل واحدا منهم، بل القاتل وأهله لو بذلوا ما ملكوه وأمثاله، ما رضي به أولياء المقتول، فكان إيجاب المال في مقابلة القتل العمد تضييع حمة القصاص، وإذا ثبت أن الصل هو القصاص لم يجز المصير إلى غيره بغير ضرورة مثل أن يفقد احد الاولياء. فإنه تعذر الاستيفاء حينئذ، أو أن يكون محل القصاص. ناقصاً بأن تكون يد قاطع اليد أقل اصبعاً، وأمثال ذلك.
من يقيم القصاص
لا خلاف بين الأئمة في أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، الذين فرض عليهم النهوض بالقصاصن وإقامة الحدود. وغير ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الجميع المؤمنين بالقصاص قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب علكم القصاص في القتلى} ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعاً، أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا مالسلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود، وليس القصاص بلازم، إنما اللازم إلا يتجاوز القصاص وغيره من الحدودالى الاعتداءن فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية، أو عفو فذلك مباح، فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان الذي أعطاه الله هيذه السلطة، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما يكون ذلك للسلطان، أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض.
السلطان يقتص من نفسه
واجمعم العلماء على أن على السطان أن يقتص من نفسه أن تعدى على احد من رعيته ظلماً، غذ هو واحد منهم، وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص منه، وليس بين السلطان وبين العامة فرق في أحكام الله عز وجل، لقوله جل ذكره: {كتب عليكم القصاص في القتلى} وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملاً "أي حاكماً" قطع يده بغير حق: لئن كنت صادقاً لأقيدنك منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>