وثبت في الصحيحين خبر الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس، ثم سأل عالماً هل لي من توبة؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ثم ارشده إلى بلد يتعبد الله فيه فهاجر إليه. فمات في الطريق فقبضته ملائكة الرحمة وهذه الأمة أولى بالتوبة من بني إسرائيل. الكفارة في قتل العمد الحنفية، والمالكية، والحنابلة في إحدى روايتيهم قالوا: لا تجب الكفارة في قتل العمد، لأن الشارع شدد في أمر القاتل عمداً، بالقتل أو الدية إذا عفا الأولياء عن قتله إلى الدية، فلا يزاد على ذلك حيث ورج به النص، ولن قتل العمد كبيرة محضة، وفي الكفارة معنى العبادة فلا تناط بمثلها، والكبائر لا تكون سبباً لما فيه معنى العبادة، والكفارة فيها ذلك فلا تجب، وموضوعه في أصول الفقه، وهو أن الكفارة لاتناط بماهو كبيرة محضة، ولأن الكفارة من المقادير وتعينها في الشرع لدفع الأدنى، وهو الخطأ، لا يدل لدفع الذنب الأعلى وهو العمد، فكم من شيء يتحمل الأدنى للقدرة عليه، ولا يتحمل الأعلى للعجز عنه. قال صاحب العناية: فإن قال الشافعي قد دل الدليل على عد صفة العمدية وهو حديث وائلة بن الأسقع، قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال: اعتقوا عنه رقبة، يتق الله كل عضو منها عضو منه، من النار، وإيجاب النار إنما يكون بالقتل العمد قلنا: لا نسلم لجواز أن يكون استوجب النار بشبه العمد كالقتل بالحجر، أو العصا الكبيرين سلمناه لكنه لا يعارض إشارة قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} فإن الفاء تقتضي أن يكون المذكور كل الجزاء، فلو اوجبنا الكفارة لكان المذكور بعضه وهو خلف. اهـ. ولأن الله تعالى ذكر الجزاء الدنيوي على القتل العمد وهو القصاص بقول تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} وذكر الجزاء الأخروي بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} الآية. فلو قلنا: بوجوب الكفارة على القاتل عمداً، لزدنا على النص، وهو باطل ولأن القتل العمد أعظم من أن يكفر عنه، مثل الصلاة المتروكة عمداً، فإنهم اتفقوا على وجوب قضائها من غير كفارة. الشافعية والحنابلة في روايتهم الثانية قالوا: أن الكفارة تجب في قتل العمد لأن العامد أغلظ