للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


حال العفو، ويقول: إنما عفوت لأخذ المدية، فيصدق يمينه، ويبقى الولي بعد حلفه، على حقه في القصاص إن امتنع الجاني عن دفع الدية. وإلا دفعها، وتم العفو كما طلب الولي.
الشافعية قالوا: إن قال حر مكلف، رشيد، أو سفيه، لوجل آخر: اقطع يدي مثلاً ففعل الآجنبي فهو هدر، لا قصاص فيه ولا دية، للإذن فيه لأنه اسقط حقه باختياره، فإن سرى الجرح للنفس فمان أو قال له ابتداء: اقتلني، فقتله فهو هدر في الأظهر من المذهب للإذن في ذلك الفعل.
وقبل تجب الدية على القاتل، والخلاف مبني على أن الدية ثبتت لميت ابتداء في آخر جزء من حياته ثم يتلقاها الوارث، أو على أن الدية ثبتت للوارث ابتداء عقب هلاك المقتول؟ إن قلنا بالأول وهو الأصح لم تجب الدية في حال السراية، لأنه أذن فيما بملك وإلا وجبت، ففي صورة القطع تجب نصف الدية، لأنه الحادث بالسراية، وفي حالة الأمر بالقتل ابتداء تجب الدية، وعلى القول الأول تسقط الدية ولكن تجب الكفارة، فإن الكفارة تجب على الصح لحق الله تعالى والإذن لا يؤثر فيها، تجب على كل حال، ولو قال له: اقتلني وإلا قتلتك، فقتله، فلا قصاص ولا دية في الأظهر.
ولو قطع عضو من شخص يجب فيه القود، فعفا المقطوع عن قوده وإريه، فإن لم يسر القطع بأن اندمل فلا شيء من قصاص، أو أرش، لاسقاط الحق بعد ثبوته.
وإن سرى القطع للنفس، فلا قصاص في نفس ولا طرف، لأن السراية تولدت من معفو عنه، فصارت شبهة واقعة للقصاص. أما إذا سرى إلى عضو آخر فلا قصاص فيه وإن لم يعف عن الأول. وأما أرش العضو في صورة سراية القطع للنفس، فإن جرى من المقطوع في لفظ العفة عن الجاني، لفظ وصيته، كأن قال بعد عفوه عن القود، اوصيت له بأرش هذه الجناية فوصيته للقاتل، أو جرى لفظ إبراء أو إسقاطن أو جرى عفو عن القود، اوصيت له بأرش هذه الجناية فوصيته للقاتل، أو جرى لفظ إبراء أو إساقط، أو جرى عفو عن الجناية، سقط الأرش قطعاً، وقيل: ما جرى من هذه الثلاثة وصيته، لاعباره من الثاث، وتجب الزيادة على ارش العضو المعفو عنه أن كان إلى تمام الجية للسراية، سواء تعرض في عفوه لما يحدص منها، أم لا، وفي قول: إن تعرض في عفوه عن الجناية لما يحدث منها سقطت تلك الزيادة، والظهر عدم اسقوط، لأن إسقاط الشيء قبل ثبوته غير منتظم، فلمو سرى قطع العضو المعفو عن قوده وارشه كأصبع، إلى عضو آخر، كباقي الكف، فاندمل القطع، ضمن دية السراية فقط، لأنه إنما عفا عن موجب جناية موجودة فلا يتناول غيرها، ومن له قصاص نفس بسراية قطع طرف، كأن قطع يده فمات بسراية، لو عفا وليه عن النفس، فلا قطع له، لأن المستحق القتل، والقطع طريقه، وقد عفا عنه، أو عفا وليه عن الطرف، فله جز الرقبة في الأصح لأن كلاً منهما حقه، والثاني المنع، لأنه استحق القتل بالقطع الساري، وقد عفا عنه.
ولو قطعه الولي ثم عفا عن النفس مجاناً أو بعوض، فإن سرى القطع إلى النفس، ظهر بطلان العفو ووقعت السراية قصاصاً، لأن السبب وجد قبل العفو، وترتب عليه مقتضاه فلم يؤثر فيه العفو، وإن الم يسرق قطع الولي، بل وقت، فيصح عفوه، لأنه أثر في سقوط القصاص، ويستقر العفو المعفو عليه، إذ لم يستوف بالقطع تمام الدية، ولا يلزم الولي بقطع اليد شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>