والشافعية يقولون: لاحظ للناء في استيفاء القصاص، ولهن حق العفو فقط اه. إذا اقتص من الجاني فمات الشافعية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: لو اقتص المجني عليه من الجاني، بالعطع مثلاً فمات من أثر القصاص، بسبب السراية، من العضو المقطوع، فلا شيء على المجني عليه، لأنه استوفى حقه وهو القطع، ولا يمكن التقيد بوصف السلامة لما فيه من سد باب القصاص، إذ الاحتراس عن السراية ليس في وسعه، فصار كالإمام، والبزاغ، والحجام، والمأمور قطع اليج، ولقوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه} الحنفية قالوا: إذا اقتص المجني عليه من الجاني، فسرى القطع إلى الجسد، ومات بسببه تجب الدية للورثة على عاقلة المقتص له، لأنه قتل بغير حق، لأن حقه القطع، وهذا وقط قتلاً، ولهذا لو وقع ظلماً لكان قتلا ووجب فيه القصاص، ولأنه جرح أفضى إلى فوات الحياة في مجرى العادة، وهو مسمى القتل، إلا أن القصاص سقط للشبهةن فوجب المال، بخلاف الإمام وغيرهن لأنه ملكف فيها بالفعل إما تقلداً كالإمام، أو عقداً كما في غيره منها. فالقاضي إذا تقلد القضاء يجب عليه أن يحكم، فإذا قطع يد السارق فمات من ذلك فإنه لا شيء عليه، والواجبات لا تتقيد بوصف السلامة كالرمي إلى الحربي، وفيما نحن فيه من الاستيفاء لا وجوب، ولا التزام إذ هو مندوب إلى العفو، فيكون من باب الإطلاق والإباحة، قال تعالى: {وإن تعفوا اقرب للتقوى} ولو رمى صيداً فأصاب إنساناً ضمن، كذا هذا. مبحث تأخير القصاص للولد الصغير الحنفية، والمالكية قالوا: من قتل وله أولياء صغار وكبار، فللكبار أن يقتلوا القاتل. ولا ينتظرون حتى يدرك الصغار، لأن القصاص حق لا يتجزأ لثبوته بسبب لا يتجزأ، وهو القرابة يثبت لكل واحد كملاً كالولاية في النكاح. ولثبوت التفرقة بين الصغار، والكبار الغيب من حيث احتمال العفو في الحال وعدمه، فإن العفو من الغائب موهوم حال استيفاء القصاص، لجواز أن يكون الغائب عفا عن حقه في القصاص، والحاضر لا يشعر به، فلو استوفى كان استيفاء مع الشبهة وهو لا يجوز، وأما العفو في الصغير فميئوس منه حال استيفاء القصاص، لأنه ليس من أهل العفو، وإنما يتوهم العفو منه بعد بلوغه سن الرشد، والشبهة في المال لا تعتبر لأن ذلك يؤدي إلى سد باب القصاص، لاحتمال أن يقدم ولي المقتول على قتله، وكذلك إذا كان احد الاولياء مجنوناً يجب على القاضي تعجل القصاص، ولا ينتظر شفاءه من الجنون المطبع، وهو الذي لا يفيق.