للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


في ذلك عندهم مثل الأب، وحجتهم في ذلك عموم القصاص بين المسلمين، لا فرق بين الأب وغيره وقاسوه على الرجل إذا زنا بابنته وهو محصن، فإنه يرجم بالاتفاق، ولأن الآية في القصاص عممتن فلا تخصص بخبر الآحاد، فإذا ثبت العمد وجب عليه القصاص، ومن ورث قصاصاً على أبيه سقط لحرمة الأبوة اهـ.
مبحث شبه العمد
الحنفية قالوا: القتل على خمسة اوجه، عمد، وشبه عمد، وخطأ وما أجري مجرى الخطأ، والقتل بسبب فالعمد، ما تعمد ضربه بسلاح، أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب، وليطة القصب، والمروة المحددة، والنار.
وشبه العمد: أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح، ولا ما أجري محرى السلاح، سواء كان الهلاك به غالباً كالحجر والعصا الكبيرين، ومدقة القصار، أو لم يكن كالسوط والعصا الصغير، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن قتيل خطأ العمد، قتيل السوط، والعصا) رواه النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه، ووجه الاستدلال به، أنه عليه الصلاة والسلام جعل قتيل السوط والعصا مطلقاً شبه عمد، فتخصصه بالصغيرة إبطال للإطلاق، وهو غير جائز.
ولأن العصا الكبيرة، والصغيرة تساويا في كونهما غير موضوعتين للقتل، ولا مستعملتين له غالباً، إذ لا يمكن الاستعمال على غرة من المقصود قتله، وبالاستعمال على غرة يحصل القتل غالباص، وإذا تساويا، والقتل بالعصا الصغيرة شبه عمد بالاتفاق فكذا الكبيرة، فقصرت العمدية نظراً إلى الألة، فكان شبه عمد.
الشافعية، والحنابلة، والصاحبان من الحنفية - قالوا: شبه العمد، هو أن يتعمد الضرب بما لا يحصل الهلاك به غالباً، كالعصا الصغيرة، إذا لم يوال في الضربات، أما إذا والى فيها فهو عمد، وقيل: شبه عمد، وسمي هذا النوع شبه عمد، لاقتصار معنى العمد فيه، وإلا لكان عمداً، واقتصاره إنما يتصور في استعمال آلة لا يقتل بها غالباً كالعصا الصغيرة، فإن القصد باستعمالها غير القتل كالتأديب، ونحوه، فتجب الدية لا القصاص، أما إذا استعمل آلة يقتل بها، كالضرب بحجر عظيم، أو حشبة عظيمة، أو مدق القصار أو نحوه، فإنه لا يقصد باستعمال هذه الأشياء إلا القتل كالحديدة، والسيف، فكان قتلاً عمداً موجباً للقود، قالوا: وقد واققنا أو حنيفة بأن القتل بالعمود الحديد موجب للقود.
وموجب شبه العمد على القولين، الإثم لأنه قتل وهو قاصد الضرب، والكفارة لأنه خطأ نظراً إلى أن الآلة تدخل تحت قوله تعالى {ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة} الآية، ولأنه شبيه بالخطأ، ويجب فيه الدية مغلظة على العاقلة. وهي مائة من الإبلن اربعون منها في بطونها أولادها، وتجب في

<<  <  ج: ص:  >  >>