للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الحر بالحر، والعبد بالعبد} والقصاص ينبىء عن المماثلة، فالمراد بما في الآية المذكورة، ما يمكن فيه المماثلة، لا غير اهـ.
مبحث قتل المكره
الشافعية قالوا: لو أكره إنسان شخصاً آخر على قتل شخص بغير حق فقتله، فيجب القصاص على المكره بالكسر لأنه أهلكه بما يقصد به الإهلاك غالباً، فأشبه بما لو رماه بسهم فقتله، وكذا يجب القصاص على المكره بفتح الراء في الأظهر لأنه قتله عمداً، عدواناً وظلماً، لا ستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله المضطر ليأكله، بل أولى، لأن المضطر علىم يقين من التلف، إن لم يأكل، بخلاف المكره بالفتح.
وقيل: القصاص على المكره بالكسر، أما المكره بالفتح فلا قصاص عليه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) ولأنه كالآلة في يد المكره، فصار كما لو ضربه به، أو مثل الذي يسقط من علو، أو الذي تحمله الريح من موضع إلى موضع فقتل غيره.
وقيل: لا قصاص على المكره بالكسر، بل القصاص واجب على المكره بالفتح لأنه مباشر للقتل، والمباشرة مققدمة، على غيرها، ولأنه يشبه من جهة المختار في فعله، ومن جهة المضطر المغلوب، وغلإكراه لا يتم إلا بالتخويف بالقتل، أو بإتلاف ما يخاف عليه التلف من الأعضاء، كالقطع والضرب الشديد، وقيل: يحصل الإكراه بما يحصل به الإكراه على الطلاق من أنواع التهديدات.
ولو قال له: اقتل هذا وإلا قتلت ولدك. وكان في مقدوره أن يقتل ولده، فليس بإكراه، وقال الروياني: الصحيح عندي أنه إكراه، لأن ولده كنفسه في الغالب، فما أصابه من الضرر، كأنما أصاب نفسه، بل بعض النفوس عندها، الولد أغلى من النفس، وهذا هو الظاهر.
وقال الشافعية: لا يجوز للمكره بالفتح الإقدام على القتل المحرم لذاته، وإن لم يوجب عليه القصاص، بل عليه الإثم يوم القيامة، إذا قتل نفساً محرمة، كما لا يباح له الزنا بالإكراه، ولكن يباح له شرب الخمر، والقذف، والإفطار في رمضان، على القول بإبطال الصوم، ويباح له الخروج من صلاة الفرض، وإتلاف مال الغير، وضمن المال هو والمكره.
وإذا أكره إنسان على الإتيان بما هو كفر قولاً، أو فعلاً كالسجود لصنم، مع طمأنينة القلب بالإيمان وكراهية الكفر، فقيل: الفضل له الثبات على الإيمان، ولا يلفظ الكفر، والعياذ بالله.
وقيل: يجوز أن يلفظ به صيانة لنفسه أن تزهق، وقيل: إن كان من العلماء المقتدى بهم فالأفضل الثبات على الإيمان، مهما كان التخويف والوعيد، فإن قتل مات شهيداً، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون دينه قهو شهيد) وحتى يكون قدوة لغيره من الناس، كما ثبت أصحاب الأخدود، فإن كان المكره بالفتح لم يظن أن الإكراه يبيح له الإقدام على القتل، وجب عليه القصاص، أما إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>