للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


للباقين الديات من الموال، وإن قتلهم في حالة واحدة، كان هدم عليهم حائطاً وهم نيام فتلهم في وقت واحد، يقرع بين أولياء المقتولين، فمن خرجت قرعتع قتل له، وثبت للباقين الديات لا غير.
وقيل: قتل لهم، وقسمتم الديات بينهم، لتعذر القصاص عليهم، كما لو مات الجاني، فإن اتسعت التركة لجميعهم فذاك، وإلا قسمت التركة بين الجميع بحسب استحقاقهم في الديات، وذلك لأن الموجود من الواحد قتلات عدة، والذي تحقق في حقه قتل واحد فلا تماثل فيه، وهو القياس في الفصل الأول، إلا أنه عرف بالشرع، ولأن الدين شرع المماثلة في القصاص، لئلا يلزم الظلم على المعتدي على تقدير الزيادة، ولئلا يلزم البخص لحق المعتدى عليه، على تقدير النقصان، ولا شك أن الظلم والبخس إنما يندفعان بتحقق المماثلة، فلو قتله غير الأول من المستحقين، أو غير من خرجت القرعة له منهم عصى، لأنه قتل نفساً منع من قتلها.
ووجب على الحاكم أن يعذره لإبطال حق غيره، ووقع قتله قصاصاً لأن حقه يتعلق به، بدليل لو عفا الول، فإن الحكم ينتقل إلى من بعده من الولياء، ويجب للباقين الديات لتعذر القصاص عليهم بغير اختيارهم، ولو ضربوه كلهم حتى مات أساؤوا، ووقع القتل موزعاً لعيهم، ورجع كل منهم بالباقي له في الدية فلو كانوا ثلاثة، أخذ كل واحد منهم ثلث حقه وله ثلثا الدية، ولو قتله أجنبي وعفا الوارث على مال أختص بالدية وله القتيل الأول.
ولو طلبوا الاشتراك في القصاص والديات لم يجابوا لذلك، ولو أن ولي القاتل الأول، أو بعض أولياء القتلى، صبياص، أو مجنوناً، أو غائباً، حبس القاتل إلى بلوغة، وغقامته، وقدومه من السفر.
ولو ضربه واحد ضرباً ثقيلاً، كأن ضربه خمسي سوطاً، ثم ضربه الآخر سوطين أو ثلاثة، حال الألم من ضرب الأول، عالماً بضربه، اقتص منهما، لظهورقصد الإهلاك منهما، أو جاهلاً به فلا قصاص على واحد منهما، لأنه لم يظهر قصد الإهلاك من الثاني، والأول شريك، فعلى الأول حصة ضربه من دية العمد، وعلى الثاني حصة ضربه من دية شبه العمد، وإن ضرباه بالعكس فلا قصاص على واحد منهما، لأن ضرب الأول شبه عمد، والثاني شريكه، فيجب على الول حصة ضربه، من دية شبه العمد، والثاني حصة ضربه من دية العمد، ومن قتل جمعاً، أو قطع أطرافهم مثلاً مرتباًن قتل، أو قطع بأولهم، إن لم يعف لسبق حقهن وهذا الحكم سواء أكان القاتل حراً، أو عبداً.
وقيل: إن كان القاتل عبداً قتل بجمعهم، فإن عفا الول، قتل بالثاني، وهكذا والاعتبار في التقديم والتأخير بوقت الموت، لا بوقت الجناية.
الحنابلة قالوا: إذا قتل واحد جماعة، واحد بعد واحد، فحضر الأولياء قتل للأول ولا شيء للباقين، وإن قتلهم جميعاً ولم يعلم الأول منهم، وحضر أولياء المقتولين، وطلبوا من الحاكم القصاص، قتل لجماعتهم، ولا دية عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>