للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ومن غرق صبياً، أو بالغاً في البحر فلا قصاص عليه، عن أبي حنيفة، وقال الصاحبان يجب عليه القصاص، ويستوفى منه القصاص بحز رقبته بالسيف.
ومن رمى رجلاً بسهم عمداً، فنفذ منه السهم إلى رجل آخر وأصابه وماتا معاً، فيجب عليه القصاص في الأول، وتجب الدية لورثة الثاني على عائلة الرجل القاتل. لأن الول عمد، والثاني احد فرعي الخطأ، فكأنه رمى صيداً فأصاب آدمياً، والقتل يتعدد بتعدد أثره، ولا قصاص على من قتل لصاً دخل عليه ليلاً وأخرج ماله، أو اعتدى على عرضه، ولا قصاص على صبي ولا مجنون، لانهما غير مكلفين: يجب الدية على العاقلة، ولا قصاص على مسلم قتل مسلماً ظن أنه مشرك عند التقاء الصغين من المسلمين والمشركين ولا قصاص على من قتل رجلاً باغياً، شهر سيفه على المسلمين في طريقهم ليعتدي عليهم.
الشافعية، والحنابلة - قالوا: يشترط لوجوب القصاص في القتيل إسلامه لخبر مسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها) ويشترط أمان المقتول، إما بعقد ذمة، وإما بعهد، أو أمان مجرد لقوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} آية [٦: من التوبة] .
فلا يجب القصاص على قاتل الحربي، لأنه مهدر الدم لعموم قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} آية [٥: من التوبة] .
فلا قصاص على من قتل المرتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى لقوله صلوات الله وسلامه عليه. (من بدل دينه فاقتلوه) .
ويسقط القصاص عن الصبي والمجنون، لما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رفع القلم عن ثلاث) وإنما يسقط القصاص عن المجنون إذا كان جنونه مطبقاً لا يقيف منه، أما الجنون المتقطع فينظر إن كان في زمن إفاقته فهو كالعاقل الذي لا جنون به، وإن كان الحادث وقع في زمن جنونه، فهو كالمجنون الذي لا إفاقة له.
أما السكران، فالظاهر من المذهب وجوب القصاص عليه إن تعدى بسكره لأنه مكلف، ولئلا يؤدي إلى ترك القصاص، لأن من رام القتل لا يعجز أن يسكر حتى لا يقتص منه، وألحق به من تعدى بشراب دواء مزيل للعقل، فإنه يقتص منه.
أما السكران غير المعتدين فهو كالمعتوه فلا قصاص عليه.
ولو قال: كنت يوم القتل صبياً أو مجنوناً، وكذبه لي المقتول، صدق القاتل بيمينه، إن أمكن الصبا وقت القتل وعهد الجنون قبله، لأن الأصل بقؤهما، بخلاف ما إذا لم يمكن صباه، ولم يعهد جنونه فإنه يقتص منه.
ولو قال القاتل: أنا الآن صبي وأمكن فلا قصاص عليه، ولا يحلف أنه صبي لأن التحليف.

<<  <  ج: ص:  >  >>