للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ينكر فلا يصدق، ويغرم نصيبه، وأما إن كذبهما القاتل فلا شيء لهما، وللغائب ثلث الدية، لانهما اقرا على أنفسها بسقوط القصاص فقبل، وادعيا انقلاب يصيبهما مالاً، فلا يقبل إلا بحجة، وينقلب نصيب المشهود عليه مالاً، لأن دعواهما العفو عليه، وهو ينكر بمنزلة ابتداء العفو منهما في حق المشهود عليه، لأن سقوط القود مضاف إليهما، وإن صدقهما المشهود عليه وحده غرم القاتل ثلث الدية للغائب المشهود عليه، لإقراره له ذلك.
قالوا: وإذا شهد الشهود أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات فيجب عليه القوج إذا كان القتل عمداً، لأن الثابت بالشهادة كالثاب معاينة، وفي ذلك القصاص - إذا شهدوا أنه ضربه بشيء جارح قصداً، - والشهادة على قتل العمد تتحقق على هذا الوجه، لأن الموت بسبب الضرب إنما يعرف إذا صار باضرب صاحب فراش حتى مات.
وإذا اختلف شاههدا القتل في الأيام بأن قال أحجهما: إنه قتله يوم السبت، وقال الآخر بأن القتل كان يوم الخميس.
أو اختلفا في البلد، بأن قال أحدهما: إن القتل كان في مكة، وقال الآخر بأنه ومع في الكوفة، أو اختلفا في الآلة التي كان بها القتل، بأن قال أحدهماك ضربه بسيف، وقال الآخر: ضربه بعصا. فالشهادة باطلة، ولا يعمل بها، لأن القتل لا يعاد ولا يكرر - والقتل في زمان، أو في مكان غير القتل في زمان أو مكان آخر - والقتل بالعصا غير القتل في زمان، أو في مكان غير القتل في زمان أو مكان آخر - والقتل بالعصا غير القتل بالسلاح، لأن الثاني عمد بالاتفاق، والاول شبه عمد، وتختلف أحكامهما، فكان على كل قتل شهادة فرد، وكذا إذا قال أحدهما: فإن المطلق يوجب الدية في ماله، والمقيد بالعصا يوجب الدية على العاقلة.
قالوا: وإن شهدا أنه قتله، وقالا: لا ندري باي شيء قتله، ففيه الدية استحساناً، والقياس أن لا تقبل هذه الشهادة لأن القتل يختلف باختلاف الآلة، فجهل المشهود يسقط الشهادة لأن قولهم: لا ندري بأي شيء قتله، إما صادقون أو كاذبون، لعدم الواسطة بين الصدق والكذب وعلى كلا التقديرين يجب أن لا تقبل شهادتهما، لأنهما إن صجقا امته القضاء بها لاختلاف موجب السيف والعصا، وإن كذبا فكذلك لانهما صرا فسقة.
ووجه الاستحسان، انهم شهدوا بقتل مطلق، والمطلق ليس بمحمل فيجب اقل موجبه وهو الدية، ولأنهم جعلوا عالمين بأنه قتله بالسيف، لكنهم بقولهم: لا ندري، اختاروا حسبة الستر على القتل وأحسنوا إليه بالإحياء، وجعل كذبهم هذا معفواً عند الله لما جاء في الحديث الشريف (ليس كذاباً من يصلح بين اثنين) فبتأويلهم كذبهم بهذا لم يكونوا فسقة، فتقبل شهادتهم، فلا يثبت الاختلاف بالشك، وتجب الدية في مال، لأن الأصل في الفعل العمد، فلا يلزم العاقلة.
وإذا اقر رجلان كل واحد منهما بأنه قتل فلاناً، فقال الولي: قتلتماه جيمعاً، فله أن يقتلهما، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>